بقلم : د. هبة أبو عيادة
يُعد التعليم أحد أهم ركائز التنمية المستدامة، وهو حق أساسي لكل فرد بغض النظر عن أصله ودينه وجنسه، عرقه، أو خلفيته الاجتماعية الاقتصادية. ولكن، هل يتمتع الجميع بفرص تعليمية متساوية؟ الإجابة للأسف لا في الكثير من الأحيان. فالتفاوت في فرص الحصول على تعليم جيد يؤدي إلى فجوات كبيرة في المجتمع، ويحد من إمكانات الكثيرين. ولذلك، فإن تحقيق العدالة التعليمية هو شرط أساسي لتحقيق التغيير المنشود في المجتمعات.

عزيزي القارئ أبدأ بتعريف مفهوم العدالة التعليمية تعني أن جميع الأفراد يتمتعون بفرص متساوية للوصول إلى تعليم جيد وعالي الجودة، بغض النظر عن ظروفهم الاجتماعية أو الاقتصادية. فهي تتجاوز مجرد توفير المدارس والمدرسين، بل تشمل توفير بيئة تعليمية محفزة، ومناهج دراسية متنوعة، ودعم إضافي للطلاب الذين يحتاجون إليه. فهي مفهوم شامل يشير إلى توفير فرص تعليمية متساوية وعادلة لجميع الأفراد بغض النظر عن جنسهم، عرقهم، خلفيتهم الاجتماعية الاقتصادية، أو أي اختلافات أخرى. هذا يعني أن كل فرد لديه الحق في الحصول على تعليم جيد وعالي الجودة، ويتم تمكينه من تحقيق كامل إمكاناته. تتضمن العدالة التعليمية عدة أبعاد أساسية: أهمها الوصول إلى التعليم: يجب أن يكون التعليم متاحاً لجميع الأفراد، دون أي عوائق مادية أو اجتماعية. وتحقيق الجودة: يجب أن يكون التعليم المقدم عالي الجودة، ويوفر للمتعلمين المعارف والمهارات اللازمة للنجاح في الحياة. والملاءمة: يجب أن يكون التعليم ملائماً لاحتياجات كل متعلم، مع مراعاة فروقهم الفردية. وتعزيز العدالة الإجرائية: يجب أن تكون هناك إجراءات عادلة ومنصفة في جميع جوانب العملية التعليمية، بدءًا من ن القبول في المدارس وحتى التقييم.

ويهتم أصحاب القرار والباحثون بالعدالة التعليمية لأهميتها في دعم التنمية المستدامة: التعليم الجيد هو أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويساهم في بناء مجتمعات أكثر عدالة وازدهاراً. ومكافحة الفقر: التعليم يساعد الأفراد على الخروج من دائرة الفقر، وتحسين مستوى معيشتهم. وبناء مجتمعات متماسكة: التعليم يعزز التسامح والتفاهم بين مختلف فئات المجتمع، ويقلل من الصراعات والعنف. وتعزيز الديمقراطية: التعليم يمكّن الأفراد من المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والاجتماعية. ويواجه تحقيق العدالة التعليمية بعض التحديات بسبب التفاوت الاقتصادي: يؤدي التفاوت في الدخل إلى تفاوت في فرص الحصول على تعليم جيد. أو التفاوت الاجتماعي: العرق، الجنس، الدين، واللغة، كلها عوامل تؤثر على فرص الحصول على تعليم جيد. أو نقص الموارد: في العديد من البلدان، تعاني أنظمة التعليم من نقص في الموارد المالية والبشرية. أو الجودة المتفاوتة للمدارس: تختلف جودة المدارس بشكل كبير، حتى داخل نفس النظام التعليمي.

وأقدم في مقالي هذا آلية تحقيق العدالة التعليمية من خلال زيادة الاستثمار في التعليم: يجب تخصيص ميزانيات أكبر للتعليم، وتوجيهها نحو تحسين البنية التحتية للمدارس، وتوفير الكتب والمواد التعليمية، وتدريب المعلمين. وتوفير فرص متساوية للجميع: يجب العمل على القضاء على التمييز في التعليم، وتوفير فرص متساوية للجميع بغض النظر عن خلفياتهم. وتطوير المناهج الدراسية: يجب تطوير المناهج الدراسية لتصبح أكثر شمولية، وتلبية احتياجات الطلاب في القرن الحادي والعشرين. وتوفير الدعم للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة: يجب توفير الدعم اللازم للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، لتمكينهم من تحقيق أقصى استفادة من التعليم. والمشاركة المجتمعية: يجب تشجيع المجتمع على المشاركة في عملية التعليم، وتقديم الدعم المالي والمعنوي للمدارس.

ختامًا أن العدالة التعليمية هي حق أساسي لكل فرد، وهي ضرورية لبناء مجتمعات عادلة ومتساوية. لتحقيق هذا الهدف، يتطلب الأمر جهودًا مشتركة من الحكومات والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني والأفراد. فهي ليست مجرد هدف، بل هي استثمار في المستقبل. فهي المفتاح لبناء مجتمعات أكثر عدالة وازدهارًا. لتحقيق هذا الهدف، يتطلب الأمر جهودًا مشتركة من الحكومات والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني والأفراد. فبالتعاون يمكننا بناء نظام تعليمي عادل يوفر فرصًا متساوية للجميع، ويُمكّنهم من تحقيق كامل إمكاناتهم.

الراي