حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3163

قراءة سسيولوجية في نتائج الانتخابات البرلمانية

قراءة سسيولوجية في نتائج الانتخابات البرلمانية

قراءة سسيولوجية في نتائج الانتخابات البرلمانية

15-09-2024 10:03 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فيصل تايه
بعد ان حملت النتائج النهائية للانتخابات النيابية الاردنية مؤشرات عدة ، يمكن الحديث ان النتيجة الأكثر أهمية وهي استعادة صدقية العملية السياسية وشرعيتها ، فبكل الأحوال من الملاحظ ان ذلك كان انتصاراً حقيقياً ومؤازراً للدولة بمؤسساتها السياسية والأمنية و"بلا مبالغة" ، فكانت النتيجة الأكثر أهمية هي استعادة وعودة المصداقية للعملية السياسية وشرعيتها، وهي نقطة تحول من الضروري أن نبني عليها ، اذ ان هنالك فرصة اليوم لكل من مطبخ القرار والحكم والمعارضة للوصول إلى تفاهمات حول المرحلة القادمة، وشروط وإطار الترسيخ الديمقراطي ، ثم وجود تفاهمات وحوارات لتكريس قواعد جديدة للعبة السياسيةوهو ما تحتاجه المرحلة بكل ارهاصاتها .

اليوم ، ومع ما اظهرته هذه الانتخابات من نتائج ومن تقدم واضح للإسلاميين على حساب الأحزاب الوسطية واليسارية ، كانت المفاجأة الأكبر هي تواضع نتائج الأحزاب السياسية المنافسة لجبهة العمل الإسلامي التي كان يعتقد أنها "ستقصي" الجبهة من المشهد ، تلك الاحزاب التي ملات الدنيا وشغلت الناس بما ستقدم من برامج ، لكن التفسير الذي ظهر كان سيادة الأحزاب الأيديولوجية على تلك الأحزاب البرامجية ، فكان ذلك انعكاس طبيعي لما يدور في عقلية "الشارع الأردني" والذي بطبيعته الاجتماعية "يميني" ويميل إلى الحركات السياسية الدينية أو الأحزاب العقائدية، أو الانتخاب على أساس الانتماء العشائري ، مع تغييب أي خيارات ثانية "يسارية أم ليبرالية" أمام أي اتجاه برامجي ، لكن دعونا نتامل ما حصدته الأحزاب الأخرى ، بخلاف جبهة العمل الاسلامي ، فالوصول إلى قواعد شعبية تصل الى نحو مئة ألف مواطن خلال أشهر قليلة من عمر هذه الأحزاب أمر يستحق الوقفة .

اننا وفي نظرتنا التحليلية لواقع هذه الانتخابات البرلمانية ونسب المشاركة الشعبية فيها ، يمكننا القول ان "ثلثي الشعب" الأردني وكانهم ما زالوا غير معنيين بهذه العملية وفي تفكيرهم أنهم غير "واثقين" بأن مخرجاتها ستصنع الفارق ، فثمة فجوة ثقة بن المجالس "المنتخبة" السابقة والغالبية من المواطنين ، لكن في اعتقادي فان عزوف الناس واستنكافهم عن المشاركة السياسية هي مشكلة تضعف من شرعية النتائج في نهاية المطاف ، وهذا من وجهه نظري لن يتكرر في المستقبل فالمجريات والإجراءات التي رافقت الانتخابات الحالية كانت مؤشر على جدية العمل السياسي وترسيخ مفاهيم الديمقراطية باشكالها المتعددة .

وفي قراءة رقمية للمشهد الانتخابي فقد فاز (١٠٤) حزبيين بمقاعد في مجلس النواب، (٤١) منهم على القائمة الحزبية، و (٦٣) على القوائم المحلية ، لتحصل "جبهة العمل الإسلامي" على (٣١) مقعداً، فيما حصلت أحزاب "الميثاق" و"إرادة" الأكثر منافسة لـها على (٢١) مقعداً و (١٩) مقعداً على التوالي ، وبذلك فان حصول حزب جبهة العمل الإسلامي على أعلى عدد من المقاعد في تاريخ مشاركتهم في البرلمانات المتعاقبة، يكون الحزب قد سيطر على نحو (٢٤) في المئة من مقاعد البرلمان الجديد، وهو ما يعني، في حال تحالفه مع نواب معارضين آخرين، قدرته على تشكيل ما يسمى في الأعراف البرلمانية بـ"الثلث المعطل".

اعود الى القول وفي نظرة الى مشاركة الأحزاب الأردنية الأخرى ، فيرى البعض وخاصة تلك التي تشكلت قبل نحو عام ونصف عام، والتي تؤيد النهج الحكومي انها فشلت في سحب البساط من تحت "حزب جبهة العمل الإسلامي" كما كان متوقعاً، اذ ان ذلك أمر طبيعي لأن "حزب جبهة العمل الإسلامي" لديه امتداد اجتماعي قوي في الشارع على عكس الأحزاب الوليدة والجديدة، وذلك ليس مستغرباً في سياق تأثير المعطيات المحلية والإقليمية والدولية، ووجود حالة تراجع جماهيرية لبقية الأحزاب الأردنية التاريخية الأخرى كالأحزاب القومية واليسارية والماركسية.

ان فوز "جبهة العمل الإسلامي" بأكبر عدد من المقاعد، "يثبت أن الدولة الأردنية مصرة على التعددية السياسية، وعلى مشاركة جميع أفراد أبنائها في العمل السياسي ، كما وان فوز الجبهة جاء لأسباب موضوعية متعلقة باتكاء الحملة الانتخابية للجماعة على الوضع الاقليمي والحرب وما يحدث في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما أسهم في تعزيز شعبية مرشحي الجبهة وزيادة قاعدتهم الجماهيرية، بخاصة في مدن العاصمة والزرقاء وإربد ، وفي المقابل من الملاحظ تراجع الحزب في العديد من المحافظات، إذ لم يتمكن من الحصول على أي مقعد في كل من مأدبا والمفرق والطفيلة ومعان، ودوائر بدو الوسط والجنوب والشمال ، كما لوحظ التراجع في مدن كانت تعد معقلاً لهم كالزرقاء وإربد، اللتين حصلت فيهما على ثلاثة مقاعد فقط، وبينما حققت تفوقاً من خلال مرشحيها على القائمة الحزبية، كانت نتائجها على القائمة المحلية أقل من المتوقع في العاصمة عمان.

انا اقول وقد يشاركتي البعض في مقابل ذلك ، ان ثمة من يرى في نتائج الانتخابات البرلمانية محاولة من "مطبخ القرار الأردني" لتصدير الإسلاميين ك "يمين متطرف" في مواجهة اليمين المتطرف الإسرائيلي، وتوجيه رسالة إلى الادارة الأمريكية التي تنتظر ساكن البيت الأبيض الجديد خلال أقل من شهرين ، لكن وعلى الصعيد الداخلي انا أقول ان الكرة الآن في ملعب "جبهة العمل الإسلامي" ، فيما إذا كانت ستعزز الرأي داخل مؤسسات القرار الذي يدفع نحو التقدم والتوغل أكثر في المسار الديمقراطي، من خلال طروحات عقلانية واقعية من قبل الجبهة، والابتعاد عن منطق المناكفة واللعبة الصفرية، أو النشوة بالانتصار التي لم تجر على الإسلاميين في العالم العربي إلاّ كوارث كبيرة، ثم أدت إلى تدهور المسار الديمقراطي بصورة كبيرة.

واخيرا دعونا نوجه رسالة شكر واعتزاز وتقدير إلى رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات وكافة العاملين فيها على الجهود الجبارة التي بذلتها الهيئة في إنجاز هذه المهمة الوطنية العظيمة ، كما ولا بد ان نعرب عن الامتنان لجهود اجهزة الدولة المختلفة وخاصة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية على دورها في الحفاظ على أمن واستقرار العملية الانتخابية ، كما ونبارك للكتل الحزبية والقوائم المحلية الفائزة في أول تجربة بعد تحديث المنظومة السياسية ..

حمى الله الأردن وطناً مباركاً و ملكاً قائداً وشعباً وفياً محباً
والله ولي التوفيقي








طباعة
  • المشاهدات: 3163
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
15-09-2024 10:03 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم