سرايا - احمد سلامة - أكد الخبير الاقتصادي محمد البشير أن الكرة دائماً في ملعب مجلس النواب، حيث تُعزى الأوضاع الاقتصادية الحالية إلى التعديلات التشريعية التاريخية.

وبين البشير في تصريح لـ"سرايا" أن هذه التعديلات أدت إلى تدهور الوضع المالي العام، حيث تركزت الأدوات المالية العامة على النفقات والضرائب والديون، وأوضح أن الرواتب في الدولة الأردنية تشكل 70% من النفقات الجارية وحوالي 20% لخدمة الديون، مما يضع الحكومة في وضع صعب، وعندما يتم رفع الضرائب بحيث تصبح الإيرادات من ضريبة المبيعات أعلى من ضريبة الدخل، ينشأ انقسام اجتماعي، حيث يتحمل الأعباء المالية العامة المواطنون، بينما يدفع الأغنياء وذوو الدخل المرتفع مبالغ أقل.

وأضاف البشير أن هذا الوضع بين النفقات والتلاعب بالضرائب أدى إلى لجوء الحكومات المتعاقبة لزيادة الديون لسد العجز في الميزانية، مما خلق دوامة في كيفية تمويل النفقات، وأشار إلى أن القوة الشرائية فقدت قدرتها على التأثير في الاقتصاد، وأصبح الاقتصاد محملاً بتكاليف مرتفعة تتمثل في ضريبة المبيعات وأسعار الطاقة، إضافة إلى الفوائد المرتفعة على القروض، وأوضح أن كل هذه العلاقات تتأثر بالقوانين والتشريعات.

وأكّد على ضرورة أن تعالج التشريعات المشكلة المالية العامة وتقديم نظام صحي للرواتب في الإدارة العامة، وشدد على أهمية فرض الضرائب فقط على السلع الأساسية وتجنب فرض ضرائب على الخضروات والمأكولات الشعبية. وأوضح أنه يجب التمييز بين السلع الفاخرة والسلع الأساسية، كما أضاف أنه يجب أن يكون هناك موقف حازم من قانون الديون، الذي تجاوز تقريباً الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار البشير إلى أن الهدف هو تحسين مؤشر النمو الذي يبلغ حالياً 2.1%، وهو رقم ضئيل مقارنة بحجم السكان وبيّن أن هذا يؤثر بشكل كبير على الميزان التجاري والبطالة، ويؤثر أيضاً على الوضع الاجتماعي. وذكر أن على مجلس النواب مناقشة هذه القضايا من خلال محورين أساسيين: أولاً، هل المشكلة هيكلية في الاقتصاد الوطني، حيث يشكل القطاع الخدمي 70% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تمثل الصناعة والتجارة والزراعة 30% فقط، وثانياً، يجب تعزيز فرص العمل في هذه القطاعات.

وفي ضوء الموقف العام المتعاطف مع غزة، اتجه المستهلكون إلى شراء السلع المحلية والعربية ونددوا بالسلع الأجنبية التي تدعم الكيان الصهيوني وأوضح البشير أن هذا البحث عن بدائل يقوي المنتج المحلي.

وتساءل البشيرعما إذا كانت الحكومات السابقة قد اتبعت نهجاً مختلفاً، وأكد أن مجلس النواب الحالي، بتركيبته الجديدة، أظهر أن هناك لغة مختلفة في الدولة العميقة في الأردن، وأوضح أن التفاعل في هذا المجلس قد يؤدي إلى نقلة نوعية في القضايا التي تهم المواطنين، بعيداً عن صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية التي تتعامل بالسياسة، وشدد على ضرورة أن نكون واقعيين في تقييم اقتصادنا الذي يعاني من مشاكل متعددة وليس اقتصاداً معافى.

وفي ظل هذه الأوضاع، أشار البشير إلى أن البنوك تستفيد من الودائع بينما لا يأتي الاستثمار إلى الأردن بالرغم من استقرار الأمن، وأضاف أن ديمومة القروض المتجددة التي تغطي جزءاً منها هي أموال من العملة الصعبة الموجودة في البنك المركزي، مما يؤدي إلى وجود فقر وبطالة وجوع، وأوضح أن نسبة البطالة والفقر والرواتب المتدنية تزيد، حتى أن الحد الأدنى للأجور الذي فقدته الحكومة لا تعترف به العديد من الشركات والمؤسسات بسبب أوضاعها الصعبة.

وأعرب البشير عن أمله أن يعمل مجلس النواب المنتخب على تحسين الأداء التنفيذي الذي يطبق هذه القوانين، وأن يكون في مصلحة المواطنين وليس لمصلحة المستفيدين من الوضع الاقتصادي الراهن.