16-09-2024 08:26 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
لم تكن مجرد انتخابات نيابية تلك التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، ربما كانت اختبارا حقيقيا خاضه الأردن في ظروف بالغة الدقة، وفي مرحلة أولى من عملية التحديث السياسي التي كانت في حد ذاتها نقلة نوعية في الحياة السياسية الأردنية، ومنطلقا نحو توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، ترافقها رؤية اقتصادية طموحة، وتطوير إداري حتمي وهي بمثابة حلقات تستكمل الإطار الأشمل لإتمام مشروع الأردن الجديد.
كنا جميعا أمام اختبار تطبيقي لقانونين حديثين للأحزاب والانتخاب، وجميع الأحزاب التي نشأت أو أعادت تشكيل ذاتها وفق القانون الخاص بها عملت وخلال فترة زمنية قصيرة نسبيا على تهيئة نفسها تنظيميا وبرامجيا لكي يصل ممثلوها إلى مجلس النواب العشرين من خلال القائمتين العامة والمحلية، وكان الناخب الأردني أمام اختبار من نوع آخر وهو يدلي بصوته في الصندوقين الأحمر والأخضر، وقد تمت تلك العملية بنجاح منقطع النظير!
حضرت الهيئة المستقلة للانتخاب بأبهى ما يكون عليه الحضور في المشهد العام لتلك الانتخابات، ودلت الحقائق والشواهد على أن العملية الانتخابية قد جرت في جو مثالي، ودلت النتائج على أن الشفافية والنزاهة قد تحققت بالقدر الذي أراده جلالة الملك عبدالله الثاني، وقد شهدنا على أنفسنا وشهد لنا المراقبون والهيئات الدولية بأننا قد اجتزنا اختبار المصداقية بنجاح كبير.
التحليلات التي أعقبت النتائج، والقراءات التي تناولت المشهد النيابي الجديد بطيفيه الحزبي والاجتماعي، وما بينهما من ظلال متداخلة لم تكن بعيدة عن الواقع، إلا أن بعضها لم يأخذ في الاعتبار ثوابت الدولة القائمة بسلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومبدأ الفصل المتوازن بين السلطات، وربما بالغ بعضها الآخر في وصفه لصلاحيات ومهام سلطة على أخرى، أو تجاوز على الضوابط التي تحكم أداء الدولة سواء في إدارة شؤونها الداخلية أو شؤونها وعلاقاتها ومصالحها الإقليمية والدولية، لكن ذلك لا يغير من طبيعة العلاقة بين السلطتين التشريعية بمجلسيها النواب والأعيان، والسلطة التنفيذية أي الحكومة على مستوى الرقابة والتشريع، وهي في الأصل علاقة تكاملية تقوم على خدمة الصالح العام، ولا يجوز أن تخرج عن ذلك في أي حال من الأحوال!
الجميع يدرك أن التطورات الإقليمية، وخاصة تلك المتعلقة بمجريات القضية الفلسطينية تمسنا بصورة مباشرة، وأن هذه المسيرة السياسية التي نمضي بها قدما إلى الأمام هي جزء لا يتجزأ من عملية تحصين بيتنا الداخلي، وتعظيم قدراتنا الوطنية، وعناصر قوتنا الذاتية للحافظ على أمن واستقرار بلدنا، وللذود عن مصالح بلدنا العليا، وأن هذه المسألة لا تخضع لوجهات النظر أو المزايدات السياسية، وإنما للحسابات الموضوعية والدقيقة، خاصة وأن الأردن يقف اليوم على خط المواجهة مع وضع إقليمي قابل للانفجار في أي وقت، وهو يواصل حشد كل الامكانات لوضع نهاية للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية للقوانين والمعاهدات والأعراف الدولية، ولتهديدها المتصاعد للسلام في المنطقة والعالم .
اليوم نحن بأشد الحاجة إلى تضامننا الوطني، وتحالفنا الحقيقي في وجه التحديات والمخاطر وإلى الاستعداد لمرحلة قادمة ستبدأ قريبا عندما يأذن جلالة الملك بدعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد، بالتزامن مع تشكيل حكومة جديدة، لتكون نتيجة ذلك كله هي أننا نتقدم بمزيد من الخطوات نحو مشروعنا النهضوي، وبمزيد من التحصينات لحياضنا الأردني المتين!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-09-2024 08:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |