حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,15 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5276

جوان الكردي تكتب: وأخيرا .. غادرت حكومة "القادم أجمل" الذي لم نره

جوان الكردي تكتب: وأخيرا .. غادرت حكومة "القادم أجمل" الذي لم نره

جوان الكردي تكتب: وأخيرا ..  غادرت حكومة "القادم أجمل" الذي لم نره

16-09-2024 12:44 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : جوان الكردي
بعد سنوات طويلة من السياسات المرهقة، والقرارات المثيرة للجدل، والمعارك المستمرة مع مختلف فئات المجتمع، تغادر حكومة بشر الخصاونة الدوار الرابع وسط مشاعر مختلطة من ارتياح وغضب وأمل.

هذه الحكومة، التي حملت آمال الإصلاح والتغيير، تحولت إلى رمز للفشل في نظر الكثيرين، لتصبح إحدى أقل الحكومات شعبية في تاريخ الأردن.

منذ توليها السلطة، واجهت الحكومة انتقادات شديدة من مختلف الاتجاهات بسبب سياساتها وأدائها. فقد تميزت بفرض الضرائب واتباع سياسة الجباية بشكل غير مسبوق.

فبدلا من تقديم حلول واقعية للمشكلات الاقتصادية المتفاقمة، لجأت إلى جيوب المواطنين لتغطية عجزها وفشلها في إدارة الموارد المالية للدولة.
الزيادة المستمرة في الضرائب لم تقتصر فقط على السلع الأساسية من الوقود والكهرباء والماء، وإنما جاوزتها إلى رفعات متتالية لسعر الفائدة ما رفع أسعار جميع السلع بما فيها المواد التموينية وجعل الحياة أكثر صعوبة على المواطنين، وبخاصة الطبقات المتوسطة والفقيرة.
وفي سياق سياساتها الاقتصادية، لم تستطع الحكومة تحقيق أي تقدم ملموس في محاربة الفقر أو تخفيض نسب البطالة المرتفعة. بل على العكس، اتسعت الفجوة وازداد الشعور بالظلم الاجتماعي. وبدلاً من تحسين مستوى المعيشة، بات المواطن الأردني يشعر بضغوط مالية متزايدة وانعدام الأفق.
على صعيد الحريات وبخاصة حرية الإعلام، خاضت الحكومة معركة شرسة بمختلف أنواع القوة الناعمة والخشنة لتكميم الأفواه وتجريم هذه الحريات، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة محاولات متواصلة لتكميم الأفواه وتضييق الخناق على الأحزاب ومنع الاحتجاجات السلمية السياسية والنقابية والعمالية المطلبية، والكتّاب والصحفيين والإعلاميين.
تم تمرير قوانين تحد من حرية الإعلام وتفرض رقابة صارمة على المحتوى، في خطوة وصفها العديد من المراقبين والمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية بأنها تهدف إلى السيطرة على الرأي العام وإسكات الأصوات الناقدة لسياسات الحكومة الفاشلة.
والإعلام الحر الذي كان دائما منبرا للمواطن للتعبير عن همومه وآرائه، تحول في عهد هذه الحكومة إلى ساحة مواجهة، حيث تعرض العديد من الصحفيين للمضايقات والمحاكمات.
لا يمكننا التحدث عن هذه الحكومة بدون الإشارة إلى التعديلات الوزارية الكثيرة التي شهدناها خلال فترة حكمها، فقد كانت هذه الحكومة صاحبة الرقم الأعلى في إجراء التعديلات، التي لم تأتِ بجديد سوى إعادة تدوير مسؤولين وشخصيات معروفة، وكأنه لا يوجد في الأردن كفاءات جديدة قادرة على قيادة المرحلة.
هذا "التدوير" المستمر، ترافق مع ما وصفه البعض بـ"جوائز الترضية"، حيث تم منح عدد من الشخصيات مكافآت نهاية خدمة أو مناصب تشريفية، وكأن الهدف كان الحفاظ على توازنات داخلية على حساب تقديم كوادر جديدة.
الطامة الكبرى كانت في ضعف السياسة الخارجية لهذه الحكومة. فقد اتسمت مواقفها بالتردد والانقياد وراء تجاذبات خارجية، بدون إبداء موقف واضح ومحدد يعبر عن مصالح الأردن وشعبه. وفي وقت كانت المنطقة تمر بتحولات خطيرة، ظلت الحكومة تتخذ مواقف متذبذبة، لا تتماشى مع تطلعات الشارع الأردني أو التحديات الإقليمية التي تواجه البلاد.
ورغم ذلك، لم يكن النقد موجها فقط لرئيس الحكومة، بل لكل مكوناتها، حيث كان الجميع مسؤولاً عن هذا الفشل المتراكم الذي طاول جميع القطاعات، تلك الحكومة كانت مزيجا من الوعود الفارغة والتنفيذ الهزيل، مما جعلها تقف عاجزة أمام التحديات الكبرى التي واجهت البلاد، على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
الآن، ومع مغادرة الحكومة المستقيله ، يبقى السؤال: ما الذي سيأتي بعد؟ هل سنشهد تغييرا حقيقيا يعيد الثقة بين الحكومة والشعب؟ أم أن الحكومة الجديدة ستسير على نفس النهج مع تغيير الأسماء فقط؟ في الوقت الذي يتطلع فيه المواطنون إلى حكومة تمتلك الإرادة الحقيقية للإصلاح وتقديم الحلول الجذرية، لا حلولا مؤقتة تعتمد على الجباية والتقشف.
إن رحيل هذه الحكومة يمكن أن يكون بداية جديدة للأردن، وفرصة لاستعادة الثقة وبناء مستقبل أفضل، لكن ذلك يعتمد بشكل كبير على من سيتولى الدفة في المرحلة المقبلة، وهل سيتعظ ويستخلص الدروس من تجارب الحكومة المستقيلة وسابقاتها؟
المواطن الأردني بحاجة إلى حكومة صاحبة ولاية تعي احتياجاته الحقيقية، حكومة تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتعمل بشفافية ومسؤولية لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية بعيدا عن إطلاق الشعارات والوعود التي لا تغني ولا تُسمن.
التحدي الأكبر أمام الحكومة القادمة هو إعادة بناء جسور الثقة بين المواطن والدولة، فهل تفعل؟








طباعة
  • المشاهدات: 5276
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-09-2024 12:44 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تسعى "إسرائيل" لتقسيم سوريا إلى كانتونات بحجة ضمان أمنها من تهديدات الفصائل المسلحة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم