17-09-2024 09:10 AM
بقلم : محمد خروب
استكمالاً لمقالة أمس/الاثنين التي تساءلنا في نهايتها, ما إذا كان مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية, البريطاني كريم خان سـَ«يجبُن» او يتراجَع عن مواقفه المُعلنة, في شأن طلبه من قضاة المحكمة «التسريع» بإصدار مذكرات اعتقال بحق مجرم الحرب الصهيوني/ نتنياهو ووزير حربه الفاشي/غالنت, خاصة ان خان اشتكى من شدة الضغوط والتهديدات التي مارستها وما تزال تمارسها, عليه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني العنصري, فضلا عن بروز مؤشرات على ان «قُضاة» المحكمة الذين طلبَ منهم خان, إصدار مذكرات الاعتقال, أبدوا تلكّؤا واضحا, آخذين «مصالحهم» الشخصية ومصالح عائلاتهم في الاعتبار, على ما ألمحَ خان نفسه.
وإذ حسمت ليندا توماس غرينفيلد مندوبة واشنطن لدى المنظمة الأممية, موقف بلادها من مسألة اعتقال نتنياهو, حال صدور مذكرة اعتقال بحقه خلال الأسبوعين المقبلين, كما تتوقع الدوائر الصهيونية, وحيث يستعِد نتنياهو كما أعلن مكتبه يوم أمس, للمشاركة في الدورة الجديدة للمنظمة الدولية, والوصول الى نيويورك يوم الثلاثاء 24/الجاري, وأنها (واشنطن) «لن» تقوم باعتقال نتنياهو (علما أنها ليست عضوا في الجنائية الدولية, ولم تُوقع على ميثاق روما, كما دولة العدو الصهيوني المارقة), فإن الموقف الأميركي المعادي بشدة, حدود الازدراء للمحاكم الدولية (العدل الدولية, والجنائية الدولية, كذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية), لا يترك مجالا للشك بأن تحالف الشر الصهيو أميركي, ماض قُدماً في تقويض أسس القانون الدولي ونسف ما تبقىّ من اسس العدالة, خاصة بالسماح لمجرمي الحرب بالإفلات من العقاب, على النحو الذي مارسته إدارة الرئيس الصهيوني/بايدن داخل الأمم المتحدة, وفي محاكِمها المختصة مثل محكمة العدل الدولية, التي تُحاكَم فيها الدولة النازية الصهيونية بتهمة الإبادة الجماعية, وفق ما طرحته دولة جنوب إفريقيا منذ أشهر, رغم تعرّضها لضغوط أميركية وغربية وصهيونية لسحب اتهاماتها لدولة العدو, وإغلاق الملف نهائيا, لكنها (جنوب إفريقيا) رفضت بشدة وتوعَّدتْ بإدراج المزيد من الأدلة والبراهين والوثائق, التي تؤكد من بين أمور أخرى ان إبادة جماعية تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة, على أيدي جيش الفاشية الصهيونية. في الوقت ذاته, الذي إنضمت فيه إليها «ثماني» دول أخرى, ليس من بينها ــ من أسفٍ شديد ــ أي دولة عربية.
ما الذي «يحاول» كريم خان فِعله؟
يسعى مدعي عام الجنائية الدولية «تسريع» إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؛ لاعتقاده أن «قُضاة» المحكمة يُماطلون، ويرغب خان أيضا, وهنا يكمن «سِرّ» الحملة الصهيوأميركية الغربية الضارية عليه, في إصدار الأوامر «قبل» وصول نتنياهو لإلقاء كلمته أمام الجمعية العامة. في حين اعتبر مكتب نتنياهو, ما يسعى اليه كريم خان هو «معاداة للسامية».
وإذا بدا للبعض ان «صحوة» كريم خان قد جاءت متأخرة, فإن المدعي العام/البريطاني الجنسية قد «انتبه» الى ان أن المحكمة «تُماطل» في الاستجابة لطلبه, وذلك بعد أسابيع من انتهاء «تقديم المواقف القانونية مِن قِبل (عشرات الدول والجهات المعنية) في القضية»، الأمر الذي دفعه لمطالبة المحكمة بـ«إصدار المذكرات» قبل وصول نتنياهو لنيويورك, لإلقاء كلمته في 24 الجاري. مع العلم انه تم تقديم 64 موقفاً للمحكمة الجنائية الدولية، «غالبيتها» تؤيد موقف المدعي العام، و26 موقفا «مؤيداً لإسرائيل ومُعارِضا لطلب خان»، من بينها مواقف ألمانيا, الأرجنتين, التشيك, الكونغو والولايات المتحدة، رغم أن الأخيرة «ليست» عضوا في المحكمة.
هنا يتوجب رصد ما بدأت وسائل الإعلام الصهيونية الكشف عنه والإشارة إليه, إذ لفتت هيئة البث العام العبرية («كان/11») إلى «قلق كبير في دولة العدو, من إحتمال صدور مذكرات اعتقال، خاصة في حالة «عدم اتخاذ إجراءات واضحة, تُظهِر أن إسرائيل تجري تحقيقات مستقلة في التُهم المطروحة في المحكمة». علماً (تُضيف كان/11), انه من المتوقع أن تُصدر المحكمة قرارها في الأسابيع المقبلة.
هل استنفدَ «نتنياهو» محاولاته للإفلات من «مذكرة الاعتقال»؟
لا يبدو الأمر كذلك. وإن كانت محاولاته العديدة في هذا الشأن, قد وصلت الى طريق مسدود, خاصة بعد رفض نتنياهو «الحازم والقاطع» دعوة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، «تشكيل لجنة تحقيق مُستقلة» في أحداث الحرب على غزة، لافتة إلى أن «لجنة تحقيق رسمية» هي الوسيلة الأفضل لمواجهة المخاطر الحالية في المستوى القضائي الدولي، والتي إذا تحقّقت ــ تابعت ميارا ــ من شأنها أن تُلحق ضررا كبيرا بمصالح الدولة، وبرئيس الحكومة ووزير الحرب بالطبع».
في السطر الأخير يبدو كريم خان وكأنه يستعد لاجتياز «نهر الروبيكون» (مُصطلح يعني أن يَمُرّ المرء بنقطة اللاعودة), وما يعكس هذا التوجّه هي التصريحات التي أدلى بها خان لهيئة الإذاعة البريطانية BBC وقوله: إنه يتعرّض لضغوط من قادة دول من أجل عدم إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو وغالانت, مُشيرا إلى أن الجنائية الدولية «يجب أن تُصدِر مذكرات اعتقال لكل من قادة إسرائيل وحماس», للتأكد من أن الناس في جميع أنحاء العالم (يرون المحكمة تُطبق القانون «على قدم المساواة على أساس بعض المعايير المُشتركة»). وشدّد/خان على أنه يجب «تجنّب» معاملة الدول المدعومة، سواء من الناتو أو الدول الأوروبية أو الدول القوية، بطريقة مُختلفة عن الدول غير المدعومة.
kharroub@jpf.com.jo
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-09-2024 09:10 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |