بقلم : سهير بشناق
في أروقة ذاك المكان تجلس لا تنتظر أحداً سوى انتهاء روايتها التي كلما وصلت لفصلها الاخير توقفت واعادت قراءتها من جديد.

لا تملك من الجرأة بأن تصل لفصل اخير فتنهي جمال اللحظات وعبق الصدق ليس فقط في تلك الرواية بل بمحطات ايامها كلها برغم ادراكها بان النهايات الموجعة لربما تكون شيئاً من طمأنينة الروح التي تتعب كثيرا بكل ما يحيط بها من مساحات لا تجد بها ذاتها يوما.

نتعلق كثيرا بالآخرين الذين يمرون بعمرنا واحببناهم لربما لانهم كانوا يوما كفصل ربيع وبعض من لحظات عمق نحن فقط من احتويناها بثنايا القلب واسكناها بارواحنا فلا ننهيها ونحن نعلم باعماقنا بانها انتهت منذ ان بدأنا نستشعر بالغربة ومشاعر الوحدة التي تطفئ بنا الكثير.

نبقى معلقين بفصل واحد من روايات هذا العمر نخشى الخسارات وتجارب جديدة لربما لم نعد نقوى عليها ولا يحتملها العمر مرة اخرى فنطفئ يوما تلو الآخر ولا نعود نشعر بشغف اللحظات ولا صدق القلوب وكأننا لم نَحيَها يوماً.

وهي تقلب فصول الرواية وترى نفسها مسكونة بكل فصل سوى الاخير يجتاحها نسائم حزن تأتيها من كل يوم صادق مرت به ومن كل تفاصيل حكاية كان عليها ان تبقى ولا تمضي كخريف موجع ومن كل مكان لا يزال يحتفظ برائحة من احب القلب.

وتدرك ان انتهاء الاشياء الجميلة يتزامن دوما مع بدايات ليست حقيقية نحن فقط كنا نراها صادقة.

مع بدايات كانت لنا بمكانة العمر لا تتكرر بها ومعها تجاوزنا الكثير من راحة قلوبنا وضعفنا واحتياجنا لفرح يبقى يرافقنا ولعطاءات لا بد لنا في مرحلة ما من العمر ألا نشعر حيالها بالخيبة التي لا نستحقها ابدا ولكنها كانت لنا فقط شيئاً حقيقياً.

هي لم تطرق باب الفصل الاخير ابدا ستبقيه مساحة يلفها الصمت يحاكي حجم صمتها الذي تحياه منذ زمن ولا تغادره كي تبقى مسكونة بفصول كانت تحمل لها شيئاً حقيقياً وصادقاً لن يتكرر ينتهي حتى بقلبها ان وصلت يوما لفصل اخير.

في حياة كل منا رواية لا تنتهي وان انتهت فينا هي عبق العمر واجمل ما فيه تبقى كربيع ندرك تماما انه سيمضي تاركا في اعماقنا رائحة الياسمين التي لا تشبه شيئاً بنقائها.

الراي