بقلم : جميل البرماوي
وضع جلالة الملك عبدالله الثاني المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية والقانونية من خلال ما ورد من مضامين خطاب جلالته التاريخي الذي القاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين بنيويورك تجاه الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي تواجه الشعب الفلسطيني نتيجة العدوان الاسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربيةمنذ عقود.

جلالة الملك عبدالله الثاني الذي حذر مرارا وتكرارا المجتمع الدولي على مدار السنوات الماضية من خطورة التصعيد والتضييق والعدوان الذي تمارسه إسرائيل على الشعب الفلسطيني الاعزل، وقف اليوم ليقول لقادة العالم أن هناك أزمة تضرب في صميم شرعية الامم المتحدة في ضوء الواقع الأليم الذي يتجلى أمام الكثيرين في أن بعض الشعوب هي فعليا فوق القانون الدولي وأن العدالة الدولية تنصاع للقوة، وأن حقوق الإنسان انتقائية؛ فهي امتياز يمنح للبعض ويحرم البعض الآخر منه حسب الأهواء،وقد أثبت عالمنا فشله سياسيا،بعد مضي عام على الحرب في غزة لم يستطع المجتمع الدولي وقف هذه الحرب الهمجية.

وجلالته الذي نبه المجتمع الدولي إلى أنه اكتفى بتقديم الدعم لحل الدولتين من خلال تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، عرض أمام العالم اليوم حقيقة ما تقترفه الحكومة الإسرائيلية في الحرب على غزة والضفة الغربية من قتل لأطفال وصحفيين وعمال إغاثة وطواقم طبية أكثر من أي حرب في التاريخ الحديث وبحجم فظائع غير مسبوق و لا يمكن تبريره.

كما حذر جلالته من المتطرفين الذين يدفعون بالمنطقة إلى حافة حرب شاملة مؤكدا على أن الأردن لن يقبل أبدا بالتهجير القسري للفلسطينيين ولن يكون وطنا بديلا، حيث أغلق جلالة الملك أي محاولات لحلول على حساب الأردن في الوقت الذي اختارت فيه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة المواجهة ورفضت السلام بالرغم من أن العرب بادروا بمد يد السلام مرات عديدة.

خطاب جلالته القوي في مضامينه الواضح في مواقفه بين الصورة الحقيقية لإسرائيل التي طالما قدمت نفسها للعالم كدولة ديموقراطية الا أن وحشية الحرب على غزة اجبرت العالم على النظر عن كثب إلى إسرائيل ورؤية الحقيقة في رسالة واضحة للعالم أن إسرائيل لا تبحث عن السلام والاستقرار ويحكمها اليوم التطرف بمختلف أشكاله.

كما أن رسائل جلالة الملك إلى المجتمع الدولي تحمل عتبا كبيرا وقد اختار المجتمع الدولي الطريق الأسهل مكتفيا بقبول الوضع القائم المتمثل في استمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي للفلسطينيين، مقدما الدعم لحل الدولتين من خلال تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع في الوقت الذي يقوم به الاحتلال بالتنكيل بالشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه.

ولكن جلالته عاد ليؤكد انه بات واضحا اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن الوضع القائم الحالي غير مجد وأن على الأمم المتحدة ومنظماتها إعادة النظر بمواقفها تجاه الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الشعب الفلسطيني والاقليم.

ولان جلالته يعلم حجم المعاناة الإنسانية الكبيرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني فقد دعا جميع الدول للانضمام إلى الأردن والتحرك لفرض بوابة دولية للمساعدات الإنسانية إلى غزة، كجهد إغاثي ضخم لإيصال الغذاء والمياه النظيفة والدواء وغيرها من الإمدادات الحيوية لمن هم في أمس الحاجة إليها لافتا إلى أنه يجب ألا تكون المساعدات الإنسانية أداة حرب أبدا.

ولان خطاب جلالة الملك انساني فقد بين انه مهما اختلفنا سياسيا، هنالك حقيقة علينا ألا نترك المستقبل رهينة بيد من يزدهرون بتعميق الفرقة والصراع حاثا جميع الدول ذات الضمير أن تتحد مع الأردن في هذه المهمة خلال الأسابيع القادمة الحرجة. فبعد مضي عام تقريبا على هذه الحرب، أثبت عالمنا فشله سياسيا، ولكنّ هذا لا يستوجب أن تخذل إنسانيتنا أهل غزة بعد الآن.

استطاع جلالته بخطابه السامي أن بعيد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح وأن يقدم للعالم حقيقة الاحتلال وما يقترفه من جرائم في فلسطين ولبنان واطماعه التوسعية العدوانية منبها المجتمع الدولي إلى ضرورة القيام بواجباته لوقف العدوان واغاثة الشعب الفلسطيني

الراي