29-09-2024 03:36 PM
سرايا - بعد رحيل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني بهذه الطريقة المروعة و المثيرة و بعد كل ما حصل في العشرة أيام الأخيرة و ما يزال يحدث لا بد من الوقوف و التفكير و تحليل المشهد بعيدا عن المشاعر و العواطف، و بعيدا عن الحب و الكراهية، فما يحدث في لبنان و غزة سوف يكون له تأثيرات كبيرة على الإقليم كله بل على المنطقة برمتها، وهذه التأثيرات لن تكون جانبية و صغيرة بل على قدر كبير من الأهمية و قد تقلب المشهد برمته و أنا لا ابالغ بل أقرأ المشهد متجردا من مشاعري و لو لمدة كتابة هذا المقال فقط.
من يحبون حسن نصر الله و من يكرهونه يعرفون أن الرجل يتمتع بذكاء عميق و رؤية واضحة المعالم لما يدور حوله و هو يمتلك الشجاعة ليفعل ما يجب فعله، كما انه يحيط نفسه بحماية شديدة جدا و يقيم في مكان آمن لم تتمكن اسرائيل على مدى عشرين عاما من اكتشافه او معرفة حركاته و تنقلاته، و هو على دراية بالأخطار التي تتهدد حياته و تمكن من التعايش مع حالة الخطر الدائم باتخاذ أكثر وسائل و اجراءات الحماية نجاعة دون كلل و على مدار الساعة.
لماذا يخرج حسن نصر الله و في أحلك الأوقات و أكثرها دقة و خطورة من مكانه الآمن ليذهب الى أخطر مكان في الضاحية الجنوبية، المقر العام لقيادة حزب الله، اي مكان لا يحظى بالسرية، و لماذا يتوجب عليه الذهاب لحضور اجتماع لبعض أعضاء القيادة هناك بينما تتعرض الضاحية لقصف بالطائرات و الصواريخ و بعد أن تمكنت اسرائيل من قتل قيادات من الصف الأول هناك و بعد عملية البيجرات و أجهزة اللاسلكي..
مالذي دفع حسن نصر الله للذهاب في هذه المغامرة غير المحسوبة و لماذا لم يتمكن فريق الحماية و الأمن الخاص به من اقناعه بعدم الذهاب، أو لماذا لم يتم الإجتماع في مقره الآمن او في اي مكان آخر غير المكان الأشد خطورة في الضاحية الجنوبية، لماذا لم تمنعه ايران من المغامرة و الخروج في تلك الظروف الحرجة و التجول في الضاحية الجنوبية التي كانت تتعرض للقصف.
من الذي أعطى المعلومة عن وجود حسن نصر الله، أو كيف حصلت اسرائيل على معلومة من هذا النوع مصنفة سري للغاية، و من المفترض ان لا يعرف بها الا عدد محدود من الحلقة الضيقة جدا المحيطة بنصر الله، و كيف عرفت اسرائيل بها في وقت غاية في الدقة و الحرج أي بالضبط في الوقت التي حصلت فيه و لماذا كانت اسرائيل شديدة الثقة بالنفس و متأكدة تماما من أنها قتلت حسن نصر الله.
لماذا لم تقل ايران الحقيقة في البداية و قالت ان حسن نصر لم يصب و انه نقل الى مكان آمن و أن كل مايشاع أكاذيب اسرائيلية، ثم تبين أن الحقيقة أن الرجل قد غادر و بطريقة أعطت العدو انتصارا كبيرا مجانيا لم يكن يحلم به.
لماذا لم يكن هناك أي اهتمام حقيقي و كبير و يتناسب مع الحدث من قبل ايران بعد تأكد الجميع أن السيد حسن نصر الله قد قتل و أن اسرائيل كانت صادقة فيما تقول، لماذا كل التصريحات الإيرانية الرسمية باهتة لا ترقى لمستوى الحدث، و تتحدث عن حسن نصر الله و كأنها تتحدث عن شخص في أفريقيا او أمريكا اللاتينية و ليس حليفا و شريكا، و لماذا لم يصدر اي موقف قوي من ايران يهدد العدو الإسرائيلي...
لماذا سكتت و تسكت ايران عن مقتل قادة الحرس الثوري و قادة حزب الله و عن مقتل اسماعيل هنية و مقتل حسن نصر الله و التهديد بقصف ايران، اين هي ايران التي كانت تمتلك قوة الردع الأكبر في المنطقة، و لماذا تتعرض للإهانة بصورة مذلة و مهينة من قبل اسرائيل دون حتى أن تقف موقفا واحدا يحافظ على ماتبقى من كرامتها كدولة اقليمية كبرى..
حسن نصر الله قتل بسبب وجود اختراق امني شديد و عميق و معقد و على مستوى عال جدا، تعرض لخيانة و طعنة أمنية و استخبارية من أقرب الناس اليه و من أكثر حلفائه اخلاصا و ثقة ما تعرض له حزب الله شيء خارج عن المألوف و المعقول و المنطق، و لم يكن في حسابات أكثر المحللين السياسيين خبرة في العالم العربي و ربما العالم كله.
أسئلة كثيرة مزعجة تثير غضب من لا يحبون الفهم الحقيقي لما يحصل و يريدون ان يعيشوا في احلام وردية دون أن يفيقوا و يستيقظوا من حالة الأحلام لفهم الواقع عل ذلك يفيدنا في استخلاص الدروس و العبر ...
• لماذا سقطت طائرة الرئيس الإيراني السابق الذي كان أول رئيس ايراني يقصف اسرائيل بالمسيرات و الصواريخ و لو اننا قلنا وقتها انها ضربة استعراضية فقط، لماذا سقطت طائرته و لماذا انتظرت ايران ست ساعات للوصول اليه رغم انها كانت تعرف مكان سقوط الطائرة بالضبط و رغم أن أحد الموظفين المرافقين للرئيس تمكن من الإتصال مع المركز و اخبارهم بما حصل.
• لماذا هددت ايران و توعدت و تحدثت عن شرفها الذي مس و كرامتها و سيادتها التي انتهكت بعد مقتل اسماعيل هنية في طهران و أنها ستسدد ضربة لإسرائيل و ان الرد سيكون مزلزلا لكنها لم تفعل شيئا بالمطلق.
• لماذا أرسلت ايران ضابطا و مسؤولا كبيرا الى بيروت لعقد اجتماع مع حسن نصر الله و جعلت مكان الإجتماع في الضاحية الجنوبية التي تتعرض للقصف الشديد، الم يكن بالإمكان عقد الإجتماع في مكان آمن في بيروت الغربية أو في السفارة الإيرانية.
• لماذا كسر حسن نصر الله كل قواعد الأمن و الإستخبارات التي كانت جزءا من حياته و ذهب الى مكان شديد السيولة الإستخبارية و شديد الخطورة و يتعرض لقصف شديد من قبل الطائرات الإسرائيلية، هل ذهب رغما عنه و بالحاح شديد من طهران.
• لماذا لا يقوم حزب الله بالرد حتى الآن كما يجب على اسرائيل و ما يزال يتلقى الضربات و اللكمات دون أن تقدم ايران و لو دعما معنويا له و تكتفي ببيانات خالية من أي مضمون و اين اليمن و العراق و سوريا.
• هل ستترك ايران حزب الله لمصيره بل ربما تساعد في تحجيمه من خلال صفقة كبيرة و اثمان تم الإتفاق عليها ، و تتخلى ايران عن محور المقاومة كله بعد أن عقدت صفقة ثمينة للغاية مع الأمريكيين.
أنا لا أتهم ، و في التحليل السياسي نحاول ان نفهم و نتحاور و ليت من له خبرة في هذا الشأن يجيبنا لكن دون شتائم و تخوين و استدعاء ان حزب الله قتل السنة في سوريا و انه شيعي و انه ما بعرف شو ، هذا ليس وقت تبادل الشتائم فالثور الأبيض أكل و انتهى الأمر و الدور على باقي الثيران ، و ما يهمنا أن نتحاور بهدوء للفهم لا للتجريح.
الخرق الأمني الهائل في حزب الله و ايران اعترف به الأمين العام الراحل لحزب الله علانية و في اخر كلمة له اي قبل ايام قليلة كما اعترفت به ايران أكثر من مرة ، فساحة ايران الداخلية مليئة بالثقوب الأمنية و لا يبدو أن ايران قادرة حتى الآن على الأقل أن تلتقط انفاسها و تمتلك القوة اللازمة لإثبات موجوديتها .
ليت حزب الله كان بحذر حماس وليت ايران كانت بحكمة تركيا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-09-2024 03:36 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |