حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2182

الخطاب القوي

الخطاب القوي

الخطاب القوي

30-09-2024 11:20 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
كانت مذيعة إحدى القنوات التلفزيونية تجري مقابلة مع مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية للتعليق على خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن ذلك المحلل السياسي بدأ حديثه بالتعليق على خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي كان منقولا لحظة اللقاء على الهواء مباشرة قائلا دعيني أعلق أولا على خطاب العاهل الأردني، إنه في الحقيقة خطاب قوي جداً، ولافت حقاً، ودقيق في وصف خطورة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وفي التحذير من غياب موقف دولي حاسم يحول دون اندلاع حرب شاملة في تلك المنطقة.


لا شك أن ذلك الخطاب التاريخي كان خطابا استثنائياً في وضع استثنائي يعيشه العالم كله على خلفية هذه الحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، وتريد أن تجعل نيرانها تمتد إلى المنطقة كلها، كما هو حاصل الآن في لبنان بهجوم يدل على سقوط كل الضوابط التي يمكن أن تترك مجالا لأي مراجعة عقلانية تحول دون الانزلاق إلى حرب إقليمية لا يمكن التكهن بحدودها ولا نتائجها!

جلالة الملك الذي تحدث من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة على مدى ربع قرن من الزمان ظل يحذر من وقوف تلك المنظمة التي يفترض أنها معنية بالأمن والسلام والتعاون الدولي مكتوفة الأيدي أمام الصراعات والاضطرابات الإقليمية والدولية، لافتاً إلى أن هذه اللحظة هي الأخطر على السلام العالمي، وإلى أن الأزمة الراهنة تضرب في صميم شرعية الأمم المتحدة نفسها، وتهدد بانهيار الثقة العالمية والسلطة الأخلاقية، وهي من هذه الناحية تتعرض للهجوم بشكل فعلي ومعنوي أيضاً.
يجمع المحللون السياسيون والقانونيون والدبلوماسيون على أن خطاب جلالة الملك قد اكتسب قوته الهائلة من خلال قدرته على تحديد الخلل الحقيقي في بنية الأمم المتحدة والمتمثل في انهيار الثقة بالمبادئ والقيم الأساسية التي قامت عليها، بل إنه نبه الحاضرين إلى أن ذلك الانهيار قد وصل إلى داخل القاعة وخارجها، وأن المشكلة الحقيقية تكمن في أن بعض (الشعوب ) هي فعلياً فوق القانون الدولي، وأن العدالة الدولية تنصاع للقوة، وأن حقوق الإنسان انتقائية!
يمكننا التوقف طويلا أمام قول جلالة الملك إن بعض الشعوب وليس الحكومات تعتقد أنها فوق القانون الدولي لندرك عمق هذا التعبير عن العنجهية التي يتم التعامل بها مع مناطق محددة من العالم في غياب رأي عام لدى الدول المعتدية أو المتحكمة في مصائر شعوب بأكملها، أي أن تلك الشعوب تعيش هي الأخرى وفق عقلية تفوقية عرفها العالم كأحد أسباب الحربين العالميتين الأولى والثانية، ولعل جلالة الملك أراد أن يحذر أولئك الذين يعتمدون على القوة في فرض رأيهم أو مصالحهم من أن غياب المعيار الأخلاقي، وازدراء القوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية التي أقيمت من أجل احترام الحياة الإنسانية ليست مضمونة أبدا، وأن من شأن تلك العقلية أن تطيح بأصحابها!
كل فقرة من ذلك الخطاب القوي تحتاج إلى بحث عميق لاكتشاف أبعادها الحقيقية، وقد كان ذلك المعلق الأميركي على حق حين قال إن هذا الخطاب يستحق التفكير في مضامينه كخطاب غير عادي، لكن الفقرة الأخيرة من الخطاب ربما حملت دعوة هي الأولى من نوعها لعدم الاستسلام لهذا الوضع المؤلم، والتحلي بالشجاعة الكافية لإعادة قدر من التوازن الذي يضمن العدل والسلام، ويضع حدا للقوة الغاشمة، وللانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان، أو لظلم الإنسان لأخيه الإنسان!








طباعة
  • المشاهدات: 2182
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-09-2024 11:20 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم