01-10-2024 08:23 AM
بقلم : خولة كامل الكردي
الحرب البيولوجية أو ما تسمى بالحرب البكتيرية، تشهد تقدما يثير المخاوف في بعض الدول، تسخر الأسلحة البيولوجية التي تمتلك لخدمة مصالحها ولو على حساب الروح البشرية، وهذا نتاج سباق التسلح بين الدول المهيمنة على العالم من الاستحالة توقفه، فشهوة السيطرة على مقدرات العالم خاصة الدول الغنية بثرواتها والضعيفة بقدراتها العسكرية، تتجاسر عليها الدول صاحبة الترسانة العسكرية الكبيرة، بغض النظر عن فحوى قوتها، المهم أن تمتلك القوة الطاغية، حتى لو استخدمت للبطش بالأبرياء.
فالحرب البيولوجية بلا ريب تعد الحرب الأكثر شراسة على مدار التاريخ الإنساني، وتحقق هدف أحد طرفي الصراع في ضربة واحدة، لكنها ضربة قاسمة لا تراعي حرمة بشرية ولا قيما أخلاقية. لا يستطيع أن يتصور المرء أو يتخيل مدى وحشية وبشاعة هذه الحرب، فهي حرب لا تشبه أسلحتها الأسلحة التقليدية في شيء، إنها أسلحة من نوع آخر، هي حرب فناء المجتمعات الإنسانية بلا منازع، حرب خبيثة إذا ما استهدف مجتمع ما بعينة محي عن بكرة أبيه، حرب باللغة الفصيحة لا تعرف “الرحمة”، من يستعين بها يدرك تأثيرها الواسع الذي لا يعرف الحدود.
عَيَّن التاريخ البشري استخدام ذلك النوع من الأسلحة قبل القرن العشرين بمئات السنين، استعان بها الآشوريون فسمموا مياه آبار الخصم بفطر سام، وأحد شعوب الفرس كان المقاتلون يغمسون سهامهم بالجثث المتحللة ويلقونها على أعدائهم لإخضاعهم، لجأ التتار في بعض حروبه إلى قذف الجثث المصابة بالطاعون على مدينة كفا في شبة جزيرة القرم، فأدى إلى هلع أهل المدينة واستسلموا بشكل كامل، وقد كانت هذه الحادثة السبب الرئيسي في انتشار وباء الطاعون في أوروبا.
أما في العصر الحديث فقد أجرت بريطانيا تجربة على مرض الجمرة في جزيرة غرونارد على ساحل اسكتلندا، وما يزال يحظر الدخول إلى تلك الجزيرة حتى الآن بسبب تلوث تربتها ببكتيريا هذا الوباء.
إن التصدي للأسلحة البيولوجية والحد من آثارها المدمرة لهو من الصعوبة بمكان، فعظم تأثيرها لا يقتصر على الحياة البشرية، بل يتعداه إلى تهديد بقاء الكائنات الحية على وجه الأرض، لذا من المهم تطوير منظومة البحث العلمي والارتقاء بمستواه وأخص بالذكر العربي منه والإسلامي، فلا يمكن بحال من الأحوال “ ترك الحبل على الغارب” والصمت على ما تشكله تلك الأسلحة من تهديد خطير على الأمن والسلم العالمي، كي تصبح صحة الإنسان هدفا عسكريا مباحا انتهاكه، وألعوبة بيد حفنة من أصحاب القلوب الواهنة. فكثيرة هي الأحداث التي حصلت على مدار التاريخ، توقظ عقولنا ومداركنا إلى خطورة انتهاج طريق نشر الأمراض المميتة، التي طوى صفحتها البشر بعد معاناة قاسية وطويلة من الموت والعذاب، فتحضين مرض كالجدري أو الطاعون أو الكوليرا وحتى إيبولا وغيرها من الأمراض الخطيرة، لا جرم أنه يهدد الحياة على الكوكب الأخضر.
فالحل هنا يكمن أن على المجتمع الدولي الوقوف بحزم أمام تلك الأسلحة القاتلة، وذلك باتخاذ خطوات حاسمة للحد من انتشارها والتعاطي معها وتسويقها، ووضع عقوبات على الدول التي تتعامل بها، فخطورتها في أنها حرب خبيثة يصعب التفريق بينها وبين الإصابة الطبيعية بالمرض، فتحصد أرواحا لا تحصى بفترة وجيزة جداً، وخطورة أيضاً انتشارها وتداولها بين الدول، يأتي من كونها منخفضة التكاليف، ولا تحتاج إلى جيش كبير للقيام بعمليات عسكرية. هي الرعب بعينه والفناء للجنس البشري بذاته، إذا ما استمر السكوت على اعتبارها أحد الوسائل الدفاعية للجيوش.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
01-10-2024 08:23 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |