03-10-2024 11:18 AM
بقلم : د. رانيه اسماعيل
ان الحرب سلسلة من مشاهد كارثية سوداوية و دموية لا تحتمل الضحك والسخرية. يقول تشارلي شابلن إن الحياة مأساة عندما تشاهدها عن قرب، لكنها كوميديا عندما تشاهدها عن بعد .الكثير من المشاهير يطالبون الناس في هذه الأيام التزام الجدية والرسمية عند تداول اخبار الحرب و الصواريخ والضربات الهمجية ،وعدم اللجوء للنكتة في تعليقاتهم ،أود أن أقول هنا ان للنكتة السياسية والتعليق عليها دور كبير في توجيه القيادات العليا وأصحاب القرار في الحروب ، لقياس مدى تفاعل الجماهير وتوجهات الناس ، فهي تخضع للتحليلات السياسية والعسكرية من قبل بعض الأجهزه.كما تبنى عليها ردود فعل دبلوماسية أو عسكرية .
النكته حاضرة في أحاديث الناس وتفاعلاتهم بزمن الحروب لمعرفتهم أنها قد تحد من نشوة العدو ، وتضعف شوكته ، وتقلل من قيمة انجازاته على أرض الواقع عن طريق الاستهزاء بقادته ورموزه وجنرالاته ، كما أن النكته تصبح عبارة عن كوميديا سوداء تصور معاناة الشعوب وتعبر عن قهرهم ومعاناتهم في الحرب ، فهي تخرج من قلب الألم الجسدي والنفسي للإشارة أن ثمة ما يحرق القلب ويوجعه . هي بحث عن حل وعن وجود وعن كيان وعن خطه .
يقول العلماء أن النكته هي تعبير عن طاقة نفسية داخلية وعن مشاعر معينة كالغضب والسخط والعدوانية، أو قد تعبر عن الرضى والقبول ، لأنها تتجاوز الرقابة الداخلية والخارجية بأسلوب فكاهي قد يكون فعالا بتأثيره على الناس للتخفيف من توتراتهم الداخلية ، وتشكيل قيمهم الاجتماعية والنفسية والسياسيه ، هي مجموعة مختزلة ومكثفة وانتقائية وموزونة من الرموز ، تحدث أثر قوي فقد تكون حارقة خارقة تستجوب المساءلة القانونية في بعض الدول ، ان الأمر لا يتوقف على النكته فقط بل يتعاده الى الصور المدبلجة ، والنثر والشعر والكاريكاتير والمسرح .
أن الفكاهة والنكتة تساعد الأطفال والنساء والشيوخ في اجتياز أهوال الحرب والقلق والاضطرابات النفسية التي ترافقها دائمًا.ليستعيدوا منظورا جديدا لوجودهم الانساني، حيث لا انسانية حولهم ، لا ضحك ولا ابتسامة في الحرب ،لكن تركيب النكتة بطريقة غير منطقية وبتناسق كبير يحرك تفكير الفرد للإنتباه لأي شيء غير الحرب والدمار والهلاك.النكتة تعطيهم شعور بالاستمرارية والألفة والإطمئنان و شعور انهم ما زالوا يعيشوا حياة طبيعية وسط المذابح الجماعية ، إن نكتة الحرب ليست كأي نكته ، انها سلاح و علاج للمتعطشين للأمان و خنجر في قلب العدو .
raniareena@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-10-2024 11:18 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |