حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,22 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1426

"يا دولة الرئيس .. الزيارات إلى مراكز المحافظات لا تكفي"

"يا دولة الرئيس .. الزيارات إلى مراكز المحافظات لا تكفي"

"يا دولة الرئيس ..  الزيارات إلى مراكز المحافظات لا تكفي"

06-10-2024 09:04 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : حاتم القرعان
يا دولة الرئيس، مع كل زيارة تقوم بها إلى مراكز المحافظات، نسمع عن جهودك وحرصك على تلمّس احتياجات المواطنين. ولكن السؤال الملح الذي يطرحه الكثيرون منا، وخاصة من أبناء القرى والأرياف، هو: هل هذه الزيارات وحدها كافية؟ نحن هنا لا نقلل من جهودك أو ننتقص من النوايا، بل نوجه النظر إلى واقع مختلف، إلى الأطراف البعيدة عن مراكز المحافظات، إلى القرى التي تشكل العمود الفقري للأمن الغذائي ولتربية الثروة الحيوانية في الأردن.

القرى والأرياف الأردنية تحمل بداخلها إمكانيات هائلة، سواء من حيث الزراعة أو تربية المواشي. هذه المناطق هي التي تسهم بشكل كبير في توفير الغذاء، ليس فقط للمملكة، بل للسوق المحلية والعالمية على حد سواء. ومع ذلك، فإن هذه القرى تعاني من الإهمال والتهميش. الطرق الزراعية المتهالكة تعرقل نقل المنتجات إلى الأسواق، ومشاريع المياه الضرورية لري المحاصيل وسقي المواشي لا تزال غير كافية، مما يضعف الإنتاجية ويثقل كاهل المزارعين ومربي المواشي الذين يعتمدون على الزراعة وتربية الحيوانات كمصدر رئيسي للرزق.

الزيارات إلى مراكز المحافظات لن تحل هذه المشكلات. فمركز المحافظة لا يعكس الصورة الكاملة للواقع، بل قد يعطي انطباعًا مغايرًا لما يعيشه المزارعون ومربو الثروة الحيوانية في القرى. إن من يحتاج إلى الزيارات والتفقد هم هؤلاء الذين يبذلون جهدهم في حقولهم ومزارعهم، في ظروف غالبًا ما تكون صعبة وقاسية. هؤلاء المواطنون يواجهون يوميًا تحديات كبيرة، سواء في تأمين المياه لري محاصيلهم، أو في توفير العلف لمواشيهم، أو حتى في الحصول على الرعاية البيطرية اللازمة للحفاظ على صحة الثروة الحيوانية.

الثروة الحيوانية في الأردن، وخاصة في المناطق الريفية مثل الطيبة، تمثل جزءًا أساسيًا من اقتصاد هذه المناطق. تربية المواشي ليست مجرد نشاط ثانوي، بل هي مصدر رئيسي للعيش لمئات العائلات. هؤلاء الناس يعتمدون على ما تنتجه حيواناتهم من لحوم وألبان، كما يعتمدون على بيع هذه المنتجات في الأسواق المحلية. ولكن، مع نقص الدعم الحكومي في تأمين الرعاية البيطرية المناسبة، وتوفير العلف بأسعار معقولة، تتعرض هذه الثروة الحيوانية لخطر التدهور.

معالي وزير الزراعة، خالد الحنيفات، قدم الكثير لهذا القطاع، وكان له دور مشهود في دعم المزارعين ومربي المواشي، سواء من خلال توفير العون التقني أو إطلاق مشاريع مائية حيوية. ولكن يا دولة الرئيس، التحديات التي تواجه هذا القطاع تحتاج إلى أكثر من جهود فردية. الوزير لا يستطيع أن يواجه هذه التحديات بمفرده، بل يحتاج إلى دعمك المباشر وتوجيهاتك لمختلف المؤسسات الحكومية كي تتكاتف في تقديم الدعم المطلوب.

التحديات التي تواجه المزارعين ومربي المواشي ليست فقط تحديات محلية، بل تتعلق بمشاكل أكبر ترتبط بالاقتصاد الوطني ككل. دعم الزراعة والثروة الحيوانية يعني دعم الاستقرار الاقتصادي، وتحقيق الأمن الغذائي. وهذا لن يتحقق إذا اقتصرت الزيارات الحكومية على مراكز المحافظات دون النظر إلى الأطراف التي تحتاج إلى تطوير فعلي.

ما نحتاجه يا دولة الرئيس هو رؤية استراتيجية شاملة تهتم بالقرى والأرياف بنفس القدر الذي يُعنى فيه بمراكز المحافظات. نريد أن نرى الحكومة وهي تتعامل مع هذه المناطق باعتبارها محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي، وأن تعمل على تحسين البنية التحتية، من الطرق الزراعية إلى مشاريع المياه. نريد أن نشهد تحولًا حقيقيًا في السياسات التي تضمن للمزارعين ومربي المواشي الاستقرار والدعم المستمر.

القرى والأرياف الأردنية، مثل الطيبة، لا تحتاج إلى وعود جديدة، بل تحتاج إلى أفعال ملموسة، تحتاج إلى رؤية قادة البلاد وهم يتفقدون احتياجاتها ويعملون على تلبيتها. فلا يمكن أن نطالب المزارع بالاستمرار في إنتاجه إذا لم نوفر له الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك. ولا يمكن أن نتوقع من مربي الماشية أن يحافظ على ثروته الحيوانية إذا لم نوفر له الدعم الحكومي الكافي.

إن دعم الزراعة وتربية المواشي لا ينبغي أن يكون مجرد جهد من قبل وزير الزراعة وحده. هذه مسؤولية وطنية تتطلب تكاتف جميع القطاعات الحكومية، بدءًا من وزارات الاقتصاد والمالية، وصولًا إلى وزارة المياه والري. فلا يمكن أن نستمر في الحديث عن الأمن الغذائي دون أن نعمل على تأمين مستلزماته.

في الختام يا دولة الرئيس، ندرك أنك تسعى جاهدًا لخدمة الوطن والمواطن، ولكن يجب أن نلفت الانتباه إلى أن القرى والأرياف بحاجة إلى مزيد من الدعم والاهتمام. هذه المناطق التي تعتمد عليها المملكة في تأمين الغذاء والثروة الحيوانية لا ينبغي أن تبقى على هامش الخطط الحكومية، بل يجب أن تكون في قلبها. الأردن يمتلك إمكانيات هائلة في قطاعي الزراعة وتربية المواشي، وكل ما يحتاجه هذا القطاع هو رؤية حكومية شاملة ودعم مستمر من القيادة العليا.
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحسين وولي عهده الأمين.
بقلم : حاتم القرعان








طباعة
  • المشاهدات: 1426
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-10-2024 09:04 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم