07-10-2024 08:26 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
الجميع يخشى من أن تنزلق المنطقة نحو الهاوية إن لم تظهر الحكمة أو بعض الحكمة، حتى الولايات المتحدة الأميركية التي يفترض أنها الحاضنة لإسرائيل والمدافعة عنها فإن كبار المسؤولين فيها يقولون إنهم لا يملكون القدرة على ثني نتنياهو عن مهاجمة إيران رداً على هجومها الصاروخي يوم الثلاثاء الماضي!
كل الدلائل تشير إلى أن الاتصالات بهذا الشان تتركز حول نوعية وعمق (الرد الإسرائيلي) وليس حول منعه، وعلى ما يبدو ليس هناك إمكانية لحشد موقف دولي قوي يحول دون تحولها إلى حرب إقليمية ذات أبعاد دولية، وهناك اعتقاد لدى بعض المحللين السياسيين بأن الوقت قد حان بالنسبة لإسرائيل لتقوم بضرب المفاعلات النووية الايرانية، وهو الهدف الذي طالما سعت إليه منذ عدة سنوات من دون أن يكون لتلك المسألة علاقة بالقضية الفلسطينية أو الوضع في جنوب لبنان أو في البحر الأحمر.
ربما يكون جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين أول من تحدث قبل عشرين عاما على الأقل عن أن المنطقة آخذة في التشكل بطريقة قد تزيد من حجم التوتر فيها، وأن بإمكان الجميع التحجج بالقضية الفلسطينية على أنها المحرك الحقيقي لأزمة متعددة الأسباب والأطراف والأهداف، الأمر الذي يفسر سبب تبنيه لحل الدولتين رغم الشعور العام باستحالته بسبب العقلية اليمينية التي تطبع كل شيء في إسرائيل.
كانت وجهة نظر جلالته التي شرحها لقادة الدول الفاعلة بشكل خاص، وفي كل المحافل الدولية بشكل عام تقوم على أن ذلك الحل الذي يمنح الشعب الفلسطيني الحق في إقامة دولته المستقلة على أرضه بعاصمتها القدس من شأنه أن يجسد مبدأ الشرعية الدولية في حل النزاعات، ويحفظ مهابة القرارات التي تصدرعن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن شأنه كذلك منع اندلاع صراع أكثر خطورة، وتحت عناوين جديدة من بينها العنوان الديني، والأهم من ذلك فتح آفاق التعاون والسلام والأمن الإقليمي الذي تحتاجه المنطقة أكثر من أي شيء آخر.
هذا الموقف لجلالة الملك لم يتغير ولم يتبدل لأن حجته تقوم على الحكمة والعقل، وفي المقابل فإن المسار الآخر لا يقود إلا إلى القتل والدمار مثلما نشاهده حاليا بأقبح صوره، وفي نهاية المطاف ستتوقف الحرب وتعود أطراف النزاع للجلوس من أجل التفاوض على أمر كان بالإمكان حله كليا أو جزئيا لو أنهم قبلوا بمنطق الحكمة!
من الأهمية بمكان أن نفهم نحن كأردنيين أن موقف جلالة الملك ليس متعلقاً بمحيطه الإقليمي وحسب بل هو موقف يرتبط بالأردن مكانة ودوراً ومصيراً، خاصة وأن علاقته بالشعب الفلسطيني هي علاقة هدف ومصير مشترك، وفي هذا السياق تأتي عملية الحفاظ على نسق حيوية الدولة في أبعادها السياسية والاقتصادية والإدارية، وتعظيم جميع عناصر قوتها الذاتية جزءا لا يتجزأ من بناء ذلك الموقف الحاسم في التعامل مع الوضع الراهن ومع كل الاحتمالات والتطورات.
ربما تكون هذه اللحظات الأكثر خطورة منذ اندلاع الصراع من جديد يوم السابع من أكتوبر من العام الماضي، وها نحن في الذكرى الأولى لذلك الحدث المزلزل ما زلنا العالم غير قادر على فهم هذه المعادلة المعقدة، ولا على الخروج من عقدة (من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها) مع أنه قد حان الوقت ليسأل الجميع إلى أي كارثة سينقاد الجميع ما لم تظهر الحكمة التي يعرضها جلالة الملك عليهم في وضح النهار!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-10-2024 08:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |