07-10-2024 08:37 AM
بقلم : أحمد الحوراني
تصادف اليوم السابع من تشرين الأول الجاري ذكرى مرور عام بالتمام والكمال على الحرب التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة، التي صدقت فيها رؤى وتحليلات جلالة الملك عبدالله الثاني عندما كان القائد العربي الوحيد الذي حذّر من مغبة تداعيات الحرب واتساع رقعة أخطارها التي سوف تمتد لتشمل المنطقة بأسرها إن لم نقل العالم كله، وها نحن نرى ذلك بأمّ أعيننا وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى ما يتعرض له الجنوب في لبنان الشقيق من اعتداءات صارخة ليل نهار وسقوط الشهداء الواحد تلو الآخر فضلًا عن الخسائر الجسيمة في البنية التحتية، وكل ذل? كان ممكنًا تفاديه والحيلولة دونه فيما لو كان المجتمع الدولي قد تحمّل مسؤولياته الإنسانية والقانونية والأخلاقية ووضع حدًّا لدائرة الحرب قبل أن تتفاقم نتائجها المُدمرة.
وبمرور عام على هذه الحرب النكراء، حري بنا العودة إلى استذكار الموقف الأردني بقيادة جلالة الملك الذي قاده بكل إباء عربي وشرف هاشمي وبطولة عزّ نظيرها، واليوم بات القاصي والداني يعرف تمامًا أن الملك عبدالله قاد جهدًا سياسيًا ودبلوماسيًا وإنسانيًا لم يفعله سواه.
وغني عن القول إن الملك نجح باستصدار قرار أممي يدعو لوقف إطلاق النار في غزة وهدنة إنسانية مستدامة، وأنه حذّر مرارًا من تفاقم الوضع الإنساني في غزة، ومن تبعات ظلم الفلسطينيين وحرمانهم من حصولهم على حقوقهم كاملة في الماء والغذاء والدواء والكهرباء، ودون انقطاع، وهو الذي وصف حملة القصف العنيفة بأنها حملة شرسة ومرفوضة على مختلف المستويات وأنها تمثل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني، وهو الذي قال بالحرف (يغضبني استهداف المدنيين والمستشفيات والمراكز الصحية، ونرفض التهجير والعقاب الجماعي لسكان غزة)، وأن خطاب ?لعرش السامي لسنة ألفين وثلاثة وعشرين وأن كلمة جلالته في القاهرة، وكلمته في القمة الإسلامية في الرياض، ومقالته في الواشنطن بوست (حل الدولتين انتصار لإنسانيتا المشتركة)، وخطابه المفصلي الهام في الأمم المتحدة في نهاية أيلول الماضي، جميعها عناوين شاملة لرؤية ملكية انتصرت للحق ورفض الظلم على الدوام.
لسنا منصفين أبدًا إن نحن قلنا إن تحركات جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، قد بدأت في السابع من تشرين الأول من العام 2023 (أول يوم للحرب بشكل فعلي)، بل إن الحقيقة تقتضي منا العودة إلى الوراء سنوات ولنقل منذ تسلم جلالته سلطاته الدستورية، فالقواسم مشتركة والموقف واحد، وتحذيرات جلالة الملك من مغبة خطورة الأوضاع في غزة والأراضي الفلسطينية، ودعواته لوقف إجراءات التصعيد وبناء المستوطنات التي تقوم بها إسرائيل منذ زمن، كانت على الدوام محط اهتمامه بل إنها شكلت أبرز ثوابت خطابه ال?ياسي ونداءاته المتكررة للعالم والمجتمع الدولي بالتحرك الفوري والعاجل لئلا تدخل المنطقة في منزلق خطير الخروج منه في غاية التعقيد وهو ما تم بالفعل.
بدأ العدوان على غزة كما يعرف العالم في السابع من تشرين الأول، وهبّ جلالة الملك عبدالله الثاني ولم يغمض له جفن، وقام بجولات عربية وإقليمية وعالمية واستقبل والتقى ملوكًا ورؤساء دول وقادة عسكريين ورجال دين إسلامي ومسيحي وقادة رأي ومفكرين وإعلاميين، وفي جميع تلك التحركات السياسية والدبلوماسية تركز جهد جلالته على أكثر من ناحية كان أبرزها، الوقف الفوري للحرب والإبقاء على كافة وسائل وسبل استدامة إيصال المساعدات للأهل هناك، مطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته وإرغام إسرائيل على عدم استهداف البنى التحتية للمدنيي? في غزة، والحرمان المتعمد للسكان من الغذاء، والمياه، والكهرباء، والوقود. حماية المدنيين من كافة أشكال وخطوات التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم أو القيام بإجراءات تجبرهم على النزوح.
والملك عبدالله الثاني هو القائد العربي الذي ذكّر المجتمع الدولي والعالم بقواعد الاشتباك في الإسلام التي تُحرّم قتل النساء والأطفال والشيوخ، وترفض الاعتداء على المساجد والكنائس والمستشفيات ومراكز الإيواء، وأن النبي الهاشمي محمد هو من أوصى جنده بألا يقطع أي منهم جذع شجرة على قارعة الطريق، وجلالته هو الذي وصف قصف المستشفى المعمداني في غزة بأنه كان جريمة حرب بشعة بحق المدنيين الأبرياء والمصابين والمرضى الذين كانوا يتلقون العلاج، وجلالته هو الذي طالب بشدة بأهمية عدم إعاقة عمل المنظمات الدولية أثناء تأدية واجبات?ا الإنسانية في غزة، وإيصال المساعدات الطبية والإغاثية للقطاع.
مما سبق يمكن القول علنًا إن السياسة الأردنية التي ينتهجها جلالة الملك تعد تعبيرًا حيًا عن أهمية دور المملكة الأردنية الهاشمية في المنطقة العربية والإقليم وعلى مستوى العالم، وتجسيدًا حيويًا لوحدة الشعبين الأردني والفلسطيني، وتلك هي عين الحقيقة الماثلة، فالقضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى والمحورية بالنسبة للأردن، ولا مجال للتشكيك بالموقف الوطني الأردني تجاه ما حصل في قطاع غزة، وبشكل عام فلقد أثبتت الوقائع أن الأردن يعتبر الرئة الأولى لفلسطين التي يتنفس من خلالها في كافة الظروف القاسية التي مر بها ا?شعب الفلسطيني.
Ahmad.h@yu.edu.jo
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-10-2024 08:37 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |