09-10-2024 12:33 PM
بقلم : جوان الكردي
على مر السنوات الماضية، أعلنت الحكومة عن العديد من الاتفاقيات الاستثمارية مع شركات محلية ودولية، وسط وعود بتحسين أداء الاقتصاد الوطني وزيادة النمو وتوفير وظائف جديدة، تنفيذا لما وعدت به ضمن خطة التحديث الاقتصادي.
إلا أن العديد من هذه الاتفاقيات بقيت حبراً على ورق، دون أن نرى لها أثراً ملموساً على أرض الواقع. وبعضها فشل، ويبقى السؤال الكبير: أين هي تلك الاستثمارات التي وُعِدَ بها المواطن الأردني؟
الاستثمارات المعلنة والمشاريع الغائبة
أرقام وزارات الصناعة والتجارة والطاقة والسياحة وأخبارها تشير إلى توقيع عدد كبير من الاتفاقيات التي تغطي مجموعة متنوعة من القطاعات الاقتصادية، من الطاقة إلى التكنولوجيا والسياحة.
على الورق، تبدو هذه الاتفاقيات منقذاً محتملاً لاقتصاد الأردن، وبخاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية وارتفاع معدلات البطالة والفقر. ولكن مع مرور الوقت، لا نشهد تطبيقاً حقيقياً لمعظم هذه المشاريع، ما يثير تساؤلات حيال جدوى تلك الاتفاقيات ومدى التزام المستثمرين والحكومة بتنفيذها.
البيروقراطية والمعوقات التشريعية
يواجه المستثمرون في الأردن عدة عقبات تعيق تنفيذ مشاريعهم، قد يكون البيروقراطية والروتين الإداري في مقدمة هذه العوائق.
حيث يتطلب بدء أي مشروع استثماري العديد من الموافقات والإجراءات التي تأخذ وقتاً طويلاً. هذا التأخير يجعل العديد من المستثمرين يفكرون مرتين قبل الالتزام ببدء مشاريعهم على أرض الواقع. وبخاصة عندما يقارنون بيئة الاستثمار في الأردن بدول أخرى في المنطقة تقدم حوافز أكبر وإجراءات أقل تعقيداً، ناهيك عن تقلب التشريعات وعدم ثباتها وقصورها عن تشجيع الاستثمار في المملكة.
البيئة التشريعية والتنظيمية
وعلى الرغم من التحديثات التي أدخلت على القوانين الاستثمارية مثل قانون البيئة الاستثمارية لعام 2022، ما تزال الشكوى مستمرة من المستثمرين بشأن التعقيدات التنظيمية.
فكثير من المشاريع تواجه عقبات قانونية وإدارية، مما يؤدي إلى تأخيرات في التنفيذ. بالإضافة إلى تأثير الفساد والبيروقراطية المتأصلة في النظام الحكومي، التي تتسبب في إبطاء الإجراءات وتثبيط المستثمرين.
مشاريع لم ترَ النور
مشاريع كثيرة فشلت أو تراجع المستثمرون عن المباشرة فيها أو لمتنفذ بالكامل، من أبرزها مشروع العطارات الذي كبد الخزينة خسائر مادية، ومشروع الناقل الوطني للمياه الذي على الرغم من أهميته الاستراتيجية وضرورته القصوى والحاجة الماسة إليه لتحقيق الأمن المائي، لم يشهد تقدماً ملحوظاً.
وكذلك مشروع الصخر الزيتي في الكرك، رغم توقيع عدة اتفاقيات لاستخراج الصخر الزيتي، لم يتم تنفيذ بعض المشاريع بسبب تحديات فنية ومالية. ناهيك عن البطء في السير بمشاريع التعدين في البادية الشمالية الشرقية وفي مناطق الريشة وضانا ودبيديب وأبو خشيبة في جنوب المملكة التي أعلنت عنها وزارة الطاقة والثروة المعدنية
وهناك العديد من مشاريع الطاقة المتجددة، التي تعطلت بعض الاتفاقيات المتعلقة بها بسبب البيروقراطية وقضايا مالية أو بيئية.
هل فقد المستثمرون الثقة؟
بالإضافة إلى البيروقراطية والعوائق التشريعية، تواجه بعض الاستثمارات مشاكل تمويلية أو عدم استقرار سياسي واقتصادي. هذا يؤدي إلى حالة من عدم الثقة لدى المستثمرين، حيث تتغير السياسات الحكومية بانتظام مما يزيد من حالة عدم اليقين ويجعل المستثمرين يترددون في الالتزام بمشاريع طويلة الأمد.
التأثير على الاقتصاد
عدم تنفيذ هذه المشاريع الاستثمارية له آثار سلبية على الاقتصاد الأردني. فمع ارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ النمو الاقتصادي، كانت التوقعات بأن تكون هذه الاستثمارات مصدراً لتوفير وظائف جديدة ودفع عجلة التنمية.
إلا أن الغياب الملحوظ لهذه الاستثمارات يعني استمرار المعاناة الاقتصادية للمواطن الأردني، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع مستوى الخدمات العامة.
معوقات أخرى
البنية التحتية واللوجستيات: رغم التطور في بعض القطاعات، إلا أن البنية التحتية تحتاج إلى تحسينات، وبخاصة في المناطق النائية.
ولا ننسى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبخاصة تكاليف الطاقة والمياه المرتفعة، مما يشكل عقبة أمام الصناعات والقطاعات الإنتاجية.
من أجل ضمان تنفيذ هذه الاستثمارات على أرض الواقع، تحتاج الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها الاستثمارية وتقديم تسهيلات أكبر للمستثمرين. ويجب تقليص تأثير البيروقراطية وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتقديم حوافز جدية مثل تخفيض تكاليف الطاقة والإعفاءات الضريبية، إلى جانب توفير بيئة تشريعية أكثر استقراراً وشفافية، والكفّ عن ترديد الاسطوانة المشروخة حيال التشاركية مع القطاع الخاص، والشروع في هذه التشاركية بجدية بعيدا عن الاكتفاء بإطلاق الشعارات والتصريحات الرنانة.
في نهاية المطاف، لا يزال المواطن الأردني ينتظر بفارغ الصبر تحقيق وعود الاستثمار والتنمية. ومع تزايد التساؤلات حول مصير هذه الاتفاقيات.
يبقى الأمل قائماً بأن تتحرك الحكومة الجديدة والمستثمرون سوياً لجعل تلك المشاريع حقيقة على أرض الواقع.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-10-2024 12:33 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |