13-10-2024 08:55 AM
بقلم : د. هبة أبو عيادة
صفحة من دفتر يوميات مغترب بعد إجازة قضاها بين مطارح الغربة ودفء الوطن، بين الحنين والشوق لتراب الوطن وأهله وهوائه وأرضه وسمائه وبين لحظات وداع حافلة بالمشاعر الجياشة المتضاربة لفراق الأحبة والعودة للغربة..
نعم، انتهت الإجازة الصيفية وانتهت رحلة طويلة قضاها أحبتنا، رحلة كانت مليئة بالأجواء العائلية والمحبة وبالتجارب الحياتية المتنوعة، رحلة تأثرنا وأثرنا فيها.
تُعتبر زيارة المغترب لوطنه خلال العطلة لحظةً فارقةً، تحمل في طياتها مزيجاً من المشاعر المتضاربة بين الفرح الشديد بالعودة إلى الأهل والأحبة، والحزن على فراق الوطن الذي اعتاد عليه. فبعد فترة طويلة قضاها بعيداً عن دياره، يحمل المغترب في قلبه شوقاً كبيراً للعودة إلى أحضان الوطن، واستنشاق هواء وطنه، والتمتع بجمال طبيعته، والتواصل مع عائلته وأصدقائه. فمنهم من أتى به الشوق إلى الأهل والأحباب، فرؤية الوجوه المألوفة وسماع الضحكات المعهودة يمنح شعوراً بالراحة والأمان. ومنهم من جاء للاحتفال بالمناسبات العائلية والأعياد، والمناسبات الاجتماعية، إذ يشعر بأن هذه المناسبات لا طعم لها إلا عندما يكون محاطاً بأحبائه. ومنهم من شدّه الحنين لزيارة الأماكن الحبيبة التي تربى فيها، والأماكن التي تحمل له ذكريات جميلة، كزيارة بيته القديم، والتنزه في الحدائق التي كان يلعب فيها، وزيارة الأماكن التاريخية والمعالم السياحية في وطنه.
تلك السنوات التي قضاها أفراد عائلتنا بعيدًا عن الأهل والأحباب، غربة مرة مليئة بالتحديات والصعوبات التي واجهتها بشجاعة وإصرار، أصعبها الحرمان من الجو العائلي. فمن كنا نخشى عليه من عتمة المساء أو وجبة الغداء أو برد الشتاء تعلم في غربته الاعتماد على نفسه، وتغيرت شخصيته واكتسب مهارات جديدة، وتوسعت دائرة معارفه، وأصبح مسؤولا عن بيت وعائلة وأولاد. ولكن، بقدر ما كانت تلك التجربة غنية بالخبرات، يبقى الشوق إلى الوطن وإلى دفء العائلة يلازمه في كل لحظة.
رغم علمنا أن هذه الزيارة مؤقتة وأن هذا اللقاء والفرحة مؤقتة إلا أنها تشعرنا بالسعادة والراحة النفسية، وتساعدنا على تجديد النشاط والحيوية. وتقوي العلاقات الاجتماعية مع العائلة والأصدقاء، وتعزز الروابط الأسرية. وتمكننا من اكتساب منظور جديد للحياة، وتقدير النعم التي يتمتع بها. وقد تدفع إلى التفكير في مستقبله، والتخطيط للعودة الدائمة إلى وطنه، أو الاستمرار بالعيش في الخارج.
الأمس، كانت تغمرنا فرحة عامرة للاستعداد والترحيب واستقبال حبيب عائد من الغربة ومعه حفيد جديد لم أحظ برؤيته عند ولادته وألتقيه اليوم بعمر العام يضع قدمه على أرض الوطن، أشعر بسعادة غامرة لا توصف (الحمد لله الذي جمعنا).
وبين عشية وضحاها وبين تذاكر الذهاب والإياب: صفحة طويت وفي حقيبة كل مغترب ما استطاع إليه سبيلا من خيرات الوطن؛ ضمة ميرامية وزجاجة زيت زيتون وورق عنب، يتزود لترافقه رائحة الوطن في مهجره.
أختم مقالي بأن زيارة المغترب لوطنه في العطلة تجربة فريدة من نوعها، تحمل في طياتها الكثير من المشاعر والأحاسيس المتضاربة. ورغم التحديات المالية والثقافية والنفسية التي قد يواجهها، إلا أن هذه الزيارة تبقى لحظةً لا تُنسى في حياته. فالغربة تجربة قاسية، ولكنها في الوقت نفسه تجربة غنية بالخبرات. وهي فرصة للتعلم والتطور، واكتشاف الذات. ولكن، لا شيء يعوض الدفء والحب الذي نجده في وطننا وفي أحضان عائلتنا.
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-10-2024 08:55 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |