13-10-2024 12:13 PM
بقلم : المحامي محمد المأمون ابو رمان
يحكى انه تنازع الهدهد مع الغراب على حفرة بها ماء ، وأدعى كلا منهما ملكيته له ، فتحاكما إلى قاضى الطيور ، فطلب بينة ، وحيث أنه لم يكن لأحدهما بينة ، فحكم بها للهدهد فقال الهدهد وهو يطأطئ رأسه وقد خنقته العبرة : لما حكمت لي بها ، فقال القاضي: أشتهر عنك الصدق بين الناس ، فقالوا أصدق من هدهد فقال الهدهد: إن كان كما قلت ، فأنني والله لست ممن يشتهر بصفة ويفعل خلافها ، هذه الحفرة للغراب ، ولئن تبقى لي هذه الشهرة أفضل من ألف حفرة .
عرف عن الهدهد البصيرة النافذة ، فهو طائر الاسرار العجيب شكلا ومضمونا ، فهو ملك الطيور ورسول الانبياء ، وحمال المهام الصعبة ، فهو من اجمل الطيور واروعها شكلا ، زينه رب العزة بتاج على رأسه وحرم قتله، فهو مثال للصدق والاخلاص والتفاني في العمل ، فطر على الصدق الذي بات شحيحا في ايامنا هذه ، ونقيضه الكذب الذي يعد من ابشع الصفات ، وهو من خوارق المروءة ، يسمى بأسماء تلطيفيه تحد من بشاعته وترطب محتواه، ولعل ابشع وافظع صور الكذب كذب الحاكم على الرعية ، فهو يجامل اصحاب النفوذ لاستقطابهم الى جانبه ويغدق عليهم بالمنح والعطايا من مال الشعب ، ويسوس الناس ويسكن جراحهم وألآمهم بالكذب والخداع وهو يعلم انه يسدل الستار على واقع مر اليم يعلم انه سيفضح ولو بعد حين.
ان الصدق من مقتضيات العدل والحكم الرشيد فكذب الحاكم على رعيته وعدم بسط الامور بواقعية يعد صورة من صور الكذب القبيح ، وهو نقيض الصدق الذي ينخر في جسد الثقة بين الحاكم والمحكوم ويثور الرعية ، فاذا ما توافرت الثقة بين الحاكم والمحكوم اطمئن كل منهما الى الآخر ، فالصدق والرصانة تورث الثقة والامانة ، والوفاء والصدق يورثان الالفة والمحبة والقوة والعزيمة في مقارعة الخطوب .
اننا في هذه المرحلة من تاريخ الوطن ، تحيط بنا المخاطر من كآفة الاماكن ، ونشتم رائحة الموت والبارود والدمار والتشرد والتهجير ، ونراهن على صدق الحليف الذي لوحته الايام والمصالح، فلم نعد نعلم اين موقعنا من بوصلته التي لا تستقر على حال ، الامر الذي يدفعنا نحو التغيير وخصوصا اننا نقف على مشارف مرحلة جديدة مؤسسة على توجيهات ملكية سامية تدفع باتجاه انتهاج نهج المكاشفة والمصارحة وتسمية الاشياء بمسمياتها، فلا مجال للمجاملات والتدليس والخداع على حساب الوطن والمواطن الذي يرزح تحت سوط الفقر والجوع والحاجة.
ان هذه المرحلة تستوجب المكاشفة والمصارحة بكل مشكلات الوطن ، ونبش الماضي وما اوصلنا لما نواجه الآن من معضلات عصية على الحل عابرة للحكومات على مر تاريخ هذا الوطن، لنستفيد من اخطاء الماضي ونتجاوز معضلات الحاضر ، فالمرحلة تتطلب صف الصفوف والاستماع لصوت الحق والعدل لنصوب المسار ونؤسس لمرحلة جديدة في مستقبل هذه الوطن.
ولعل المطلوب في هذه المرحلة من دولة الرئيس وحكومته الرشيدة ان شاء الله، ان تعقد العزم على الانفتاح التام على كآفة اطياف الوطن وتستمع للرأي والرأي الآخر وتوازن الامور بما يخدم الوطن والمواطن ، فلا مناص في هذه المرحلة من اعتماد سياسة المكاشفة والمصارحة، والصدق المؤسس على النزاهة والشفافية والاستقامة ، فنحن في مرحلة تقتضي انهاء جميع اشكال المجاملات الامتيازات والاعطيات على حساب الوطن.
يا دولة الرئيس نتوسم فيك ان تحدث التغيير ، وتعدل المسار بما يخدم الوطن، وان تنفتح على كل ابناء الوطن ، زر البوادي والقرى النائية واستمع لأهلها وواسي جراحهم وآلامهم فالجرح عميق، يلتئم ان وجد من يطببه ويحنو على صاحبه ، فقد مضى وقت طويل بوعود لم تتحقق وجراح زاد نزفها واوشكت على التعفن ، نأمل ان تكون على قدر اهل العزم ولك منا كل الدعم والمساندة ، ونقول لك كن هدهدا وامضي ولك كل الاجر في الدنيا والاخرة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-10-2024 12:13 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |