14-10-2024 09:16 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
ينظر إلى قمة (ميد 9) على أنها منصة للحوار الايجابي بين الدول المتشاطئة على البحر الأبيض المتوسط من أجل تعزيز التعاون بينها، كما أنها تتيح عند انعقادها مثلما تم يوم الجمعة الماضي فرصة لتبادل الآراء بين ممثلي الدول من قادة ورؤساء حكومات حول الأوضاع الإقليمية والدولية، وتقريب وجهات النظر بشأنها، بما يخدم الأمن والتعاون الإقليمي والقاري والدولي.
حرص جلالة الملك يرافقه سمو ولي العهد على حضور تلك القمة التي انعقدت ليوم واحد، وفي ظروف معقدة للغاية وخطيرة، وعلى مدى وقت قصير جدا التقى خارج قاعة المؤتمر معظم الرؤساء المشاركين شارحا موقفه من التطورات التي تشهدها المنطقة وآثارها المدمرة القريبة والبعيدة، والمنظورة وغير المنظورة، داعيا إلى ضرورة مواجهة الحقائق من عدة زوايا، بعضها يقع ضمن المسؤوليات التي تتحملها الدول للحفاظ على السلم العالمي، وبعضها يتعلق بالمسؤوليات الأخلاقية التي لا بد أن يتحملها الجميع تجاه ضحايا النزاعات من قتلى وجرحى ومشردين وعطشى وجائعين.
جلالة الملك متمسك بالموقف الأخلاقي، وهو يذكر قادة الدول في كل المناسبات أن اليأس كان دائما المحرك الأول للإرهاب، وأن تلك المشكلة لا يمكن التصدي لها من دون حل الأسباب التي صنعتها، وأججت فيها نيران الحقد والكراهية، والآن كيف يكون الحال عندما يمارس الإرهاب والقتل الجماعي على يد كيان يفترض أنه ملتزم أو ملزم بالشرعية الدولية وقرارتها وبالقانون الإنساني الدولي، فذلك سؤال لا بد أن يجاب عليه من مرجعيات دولية صدر عنها نظام عالمي متواصل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية!
أثار جلالة الملك ما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية وفي لبنان، واحتمالات توسع الصراع وتمدده وإطالة أمده، وفي هذه الحالة لا يجوز إغفال العامل الإنساني، وتقادم المآسي بحيث ينسى العالم مأساة الشعب السوري بسبب مآسي أهالي غزة وجنوب لبنان، ولذلك فإن مفهوم التهدئة بما يشبه التقاط الأنفاس أصبح حاجة ضرورية من أجل مراجعة أخيرة قبل أن يصبح الثمن باهظا جدا على العالم كله.
من الثابت والواضح أن مواقف جلالة الملك وآراءه بشأن القضايا الإقليمية والدولية محل احترام وتقدير لدى الجميع، وأنه متمسك بها بقدر ما هي قانونية وإنسانية وأخلاقية، وتشكل الحد الفاصل بين الحرب والسلام، والظلم والعدل، وبين احترام حقوق الإنسان والعبث بحياته ومستقبل اجياله ومن هذه الناحية يعرف قادة الدول أن هذه المنظومة من القيم والمبادئ لا تعفي أحدا منهم من المسؤولية الأخلاقية، وذلك هو المعنى الذي عبر عنه جلالة الملك بوضوح في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا، وقد طرح عليهم السؤال الكبير ماذا يقول التاريخ عنا؟!
هناك بالطبع من يحاول خلق معادلة بديلة تقوم على فكرة الانحياز تبعا للمصالح وبعيدا عن القيم والمبادئ والمثل العليا، ولكن جلالة الملك يفعل الصواب الذي يمليه عليه ضميره لأنه يضع القيم في القضايا السياسية في مرتبة أعلى من المصالح، ومن هذه الزاوية يشرح موقفه ومن هذه الزاوية أيضا يفترض أن يفهمه الجميع!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-10-2024 09:16 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |