14-10-2024 09:20 AM
بقلم : نادية سعدالدين
عام أعْجف لم يحقق فيه الاحتلال أي «غنيمة» تذكر سوى ارتكاب المجازر والجرائم الدموية والدمار والخراب في قطاع غزة، وهي نتيجة يدركها «بنيامين نتنياهو» جيدا، ولكنه لا يستطيع الاعتراف بهزيمته، لأن في ذلك قضاء على مستقبله السياسي.
يعاني الكيان الصهيوني غياب عمق الانتصارات، رغم امتلاكه الآلة العسكرية الضخمة والدعم الأميركي المفتوح، إلا أن «الانجازات» العسكرية الميدانية إذا لم تتحول لانتصارات سياسية، تصبح عقيمة ولا طائل منها.
فقد فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية ذات الطبيعة الاستراتيجية، بالقضاء على حركة «حماس» وشل قدراتها العسكرية وتحرير الأسرى بالسلاح، بما يعني انتصار «حماس» والمقاومة الفلسطينية، طالما لم تمكن الطرف الآخر من تحقيق أهدافه، فكل ما هو دون اجتثاث المقاومة وسلاحها يعد انتصارا فلسطينيا.
وخلافا لأوهامه؛ لم يقد عدوان الاحتلال إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني، بل أدت مجازره الوحشية إلى تعميق مشاعر العداء والتحدي لدى الفلسطينيين لدحره، والالتفاف حول المقاومة كحركة تحرير وطني لتحقيق الحقوق الوطنية الفلسطينية.
وحتى اللحظة؛ يعجز «نتنياهو» عن تنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء وتطهير القطاع من المقاومة لتسهيل سيطرته، ولربما إعادة استيطانه كحال ما قبل 2005، توطئة لتكرار المشهد في الضفة الغربية نحو الأردن، والاستيلاء على كامل الأرض الفلسطينية، أمام صمود المواطن الغزي وتمسكه بأرضه، رغم مجازر الاحتلال الوحشية واراقة الدم الفلسطيني.
وما يزال الاحتلال يرمم تبعات عدوانه؛ لاسيما خسائر اقتصاده الفادحة، وتفاقم ما يسمى «الهجرة المعاكسة» بمغادرة نحو مليون «إسرائيلي» الكيان المحتل، وإضفاء حالة الذعر والخوف داخل التجمع الصهيوني، وتنامي ظاهرة هروب العسكريين من جيش الاحتلال، حوالي 179 جنديا في الفترة الأولى من الحرب وفق تقديرات غير رسمية.
ولم يكن ذلك مستغربا إزاء انخفاض مكانة جيش الاحتلال في الوعي الثقافي للتجمع الصهيوني، وزعزعة مكانته بوصفه تعبيرا للانتماء المدني، نظير اخفاقاته المتوالية بغزة وتكبده الخسائر المادية والبشرية المؤلمة على يد المقاومة، مما دفع مؤسسة أمن الاحتلال لمنح الامتيازات والعطايا للتشجيع على التطوع وكبح ظاهرة الهروب، إلى جانب الاستعانة «بالمرتزقة» لتعويض النقص في الجنود.
لا شك أن أهداف الاحتلال تنطوي على جهل كبير بصلابة الشعب الفلسطيني وعمق فكرة المقاومة وأيديولوجية «حماس» وعقيدتها الدينية وبنيتها الهيكلية التنظيمية وارتباطاتها الإقليمية وتجذرها في نسيج المجتمع الفلسطيني ووجدانه، وتمتعها بتأييد شعبي إسلامي وعربي وعالمي اتسع بعد عملية «طوفان الأقصى»، التي حققت انتصارا استراتيجيا غير مسبوق وهزيمة نكراء للمؤسسة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية الصهيونية، وحجم نتائج فاق أكثر التوقعات المتفائلة طموحا، وقد تؤسس لحقبة جديدة.
يواجه الكيان الصهيوني تحديات كبيرة لم يعد التحكم بها سهلا، مثلما لم تعد القيم الصهيونية «المستوردة» كافية لطمس النتوءات والاختلافات والتناقضات المجتمعية والدينية والإثنية المتنامية داخله، فهذا هو حال الجيوب الاستيطانية الإحلالية على مدار التاريخ التي تجابه بالمقاومة وتفشل في إبادة السكان الأصليين، فمصيرها التصدع فالتفكك ثم الزوال، ولا يستثنى الكيان الصهيوني من هذه القاعدة الإنسانية التاريخية.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-10-2024 09:20 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |