14-10-2024 09:29 AM
بقلم : جهاد المومني
قال الاردن في أكثر من مناسبة انه لن يكون ساحة حرب لأحد وسيمنع اية اختراقات لاجوائه سواء كان مصدرها الشرق أم الغرب، الشمال ام الجنوب، واكثر من ذلك، فان الاردن ابلغ كل من اسرائيل وايران رسمياً انه سيعمل بما يملك من قوة على اسقاط اية مسيرات او صواريخ تعبر اجواءه من اية جهة كانت، ويعتمد الاردن في ذلك على ما قدراته الذاتية، يضاف اليها حقه الاستعانة باصدقائه وحلفائه لحماية ارضه وسمائه، ومن حسن الحظ ان لدينا الكثير من الاصدقاء وبعض الحلفاء.
الى هنا وفي ظل هذا الخطر الداهم لا مجال للاجتهاد في تحليل الموقف وتصنيف الاحلاف صديق وعدو، او بتوجيه اللوم تصريحاً او تلميحاً خاصة اذا صدر من جهات او اشخاص ليس بوسعهم فهم المعادلات والتجاذبات السياسية والعسكرية في المنطقة في زمن العربدة الاسرائيلية المدعومة أميركياً والفراغ العربي المخيف. الثابت انه ما من حلف عربي ليكون الاردن طرفاً فيه او جزءا منه، وكل ما في الامر ان الدول العربية تترك للوحش واحدة تلو الاخرى بينما تعيث اسرائيل تدميراً بكل منجز تحقق لهذه الامة بما في ذلك العقل العربي الذي اما ان يُقتل او يهجّر، فما من احلاف سوى حلف واحد هو حلف القوة بزعامة الولايات المتحدة التي تمارس التقتيل والتدمير والتهجير من خلال وكيلتها اسرائيل الثكنة والسكن الوظيفي للعسكرتارية الاميركية في الشرق الاوسط .
الاردن اختار الا يكون طرفاً في اي حلف على حساب انتمائه لامته العربية وقضاياها العادلة منها على وجه الخصوص وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، لكنه مع ذلك يحتفظ بعلاقات امنية وسياسية مع حلف القوة كضمانة اضافية بالنظر الى عامل الحاجة الضاغط في ظل العجز العربي الشامل، وهنا سنضع على طاولة النقاش اسئلة استراتيجية حول الامكانات المتوفرة والموقع الجيوسياسي للاردن بين قوة احتلال ملتزمة باتفاقيات سلام وتفاهمات سياسية مع الاردن، والاخرى دولة اسلامية شقيقة هي ايران، فما هي خيارات الاردن امام هذا الواقع.؟
سؤال صعب، لكن على الاردن الرسمي الاجابة عنه، بما يعكس حجم المسؤولية الملقاة على كاهل صانع القرار الاردني الحريص على حماية الاردنيين ومنجزاتهم وعيشهم الكريم بأمن وامان من جهة، والعمل ليل نهار لحماية الاشقاء الفلسطينيين واللبنانيين من الغول الاسرائيلي من جهة اخرى، وهناك اسئلة اخرى صعبة يحاول الاردن بكل طاقاته الدبلوماسية ان يبحثها على نحو معمق مع الاشقاء والاصدقاء والحلفاء، تتعلق بحرصه على الا يجد نفسه طرفاً ثالثاً في حرب مدمرة من مصلحته المرحلية والاستراتيجية ان يتجنبها وان يعمل من اجل منعها والعودة الى مسار السلام الذي سعى اليه الاردن تاريخياً بهدف أسمى هو الوصول الى حل الدولتين ووضع حد لجميع ازمات وصراعات المنطقة، لكن ثمة طرف هو اسرائيل يلقى التشجيع من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول استعمارية اخرى على مواصلة احتلاله للاراضي العربية ومواصلة اللجوء الى الحلول العسكرية للحفاظ على هذا الاحتلال وحماية نفسه من اصحاب الارض المحتلة فيما تسميه الولايات المتحدة وحلفاؤها ( حق الدفاع عن النفس )، ومع ذلك هذه الامة غنيها وفقيرها بعيدها وقريبها مجبرة على قبول الولايات المتحدة خصماً وصديقاً ووسيطاً وما من خيار آخر، وليس ثمة قوة بديلة يلجأ اليها العرب لتحرير ارضهم او حماية انفسهم خاصة في ظل وحدانية القطبية، ما دامت روسيا التي تطالب بتعدد القطبية والاعتراف بها قوة عالمية واقليمية عظمى اسوة بالولايات المتحدة، لا تفعل شيئاً لحليفتها الوحيدة في المنطقة سوريا المالك الشرعي للجولان المحتل ولا تقدم لدمشق ما تدافع به عن سيادتها التي تنتهك كل يوم من قبل اسرائيل، ولا تساند سوريا في مطالبتها بارضها المحتلة، هذا اذا طالبت سوريا اصلا .!
من هنا، من هذا الواقع المرير، وجد الاردن الاجابة عن سؤال الموقف المتشدد حتى لا يكون ساحة حرب ومنع اية خروقات لاجوائه، هذا الموقف تكرر على لسان وزير الخارجية ايمن الصفدي في اكثر من مناسبة، وأكثر من ذلك فقد ابلغ الاردن طرفي الصراع برسالة واضحة وصلت الى كل من طهران وتل ابيب بأنه سيتصدى لمثل هذه الخروقات ايا كان مصدرها، ومن الطبيعي ان الاردن - المدرك لحجم الخطر اذا ما توسعت الحرب وسعى كل طرف الى الانتقام من الآخر برد او برد على الرد- لا يتوقع التزام الطرفين باحترام الرسالة الاردنية ، لذلك فالقرار معلن وواضح، سنقوم بالتصدي لكل الاجسام الغريبة غير المأذون لها بعبور اجواء المملكة وسنفعل ذلك بالقدر والقوة التي يستطيعها الاردن رغم علمه التام بأن حلف القوة المتواطئ مع اسرائيل لن يكون حليفاً لنا هذه المرة، وربما سيكون شريكاً لدولة الاحتلال في مغامرتها القادمة ضد ايران.
الدستور
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-10-2024 09:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |