15-10-2024 09:38 AM
بقلم : رضا السميحيين
في غزة، الحرب ليست فقط ضجيج القنابل وصفارات الإسعاف، بل هي يوميات تتنفسها الأرواح وتتسرب إلى أعماق القلوب. هناك، الجراح الاجتماعية أعمق من الدمار المادي، كل قنبلة تسقط لا تدمر فقط الأبنية والمنازل، بل تمزق قلوبًا وحيوات بأكملها. في هذه الأرض الصغيرة، ينمو جيل فلسطيني تحت حصار جغرافي ونفسي وإنساني. أجيال من الأطفال، عائلات منهكة، وأحلام محطمة تنتظر شروق فجر جديد.
في عيون الأطفال البريئة، تختبئ قصص تفوق طاقة أي إنسان على التحمل. أطفال غزة لا يعرفون من الحياة سوى أصوات القصف، وازيز المسيرات ، وصور البيوت المدمرة والأحباء المفقودين. أحلامهم بسيطة: مدرسة آمنة، اللعب مع الأصدقاء، أو سماع صوت طائر بدلاً من الطائرات الحربية. لكن الظروف تجعل تلك الأحلام تبدو وكأنها أماني بعيدة المنال.
طفل في الخامسة من عمره، لا يعرف الحياة خارج نطاق الحرب. يسكن في إحدى المدارس التي تحولت إلى ملجأ مؤقت بعد أن دُمر بيته : تعلو وجهه نظرة فزع وصوت مرتجف هذا الصوت الطفولي يحمل في طياته ألمًا يتجاوز سنوات عمره، وكأنه شيخ صغير يحمل هموم الحياة قبل أوانها.
كل أسرة في غزة تحمل قصة فقد. البيوت التي كانت تجمع العائلات أصبحت الآن مجرد ذكريات، وأحيانًا أنقاض لا تصلح حتى للاحتماء، الحياة في ملاجئ النزوح قاسية أيضًا؛ لا خصوصية ولا راحة، فقط خوف دائم مما قد يحدث في أي لحظة. الأطفال والنساء والشيوخ يحاولون التأقلم مع الظروف، لكن كيف يمكن لأحد أن يعيش حياة طبيعية وسط هذه الفوضى؟ كل يوم في تلك الملاجئ هو اختبار جديد للصبر والقوة.
الدمار المادي في غزة مرعب، لكن الآثار النفسية على السكان قد تكون أشد فتكًا، الأطفال في غزة يعيشون يوميًا تحت وطأة اضطرابات نفسية كالقلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة ، الأطفال لا يبتسمون. لا يلعبون مثل باقي الأطفال في العالم. هم دائمًا في حالة ترقب وخوف." هؤلاء الأطفال، الذين كان ينبغي أن يعيشوا طفولة سعيدة، ينشأون في عالم مليء بالخوف والكراهية، يترك أثرًا لا يمحى في نفوسهم على المدى الطويل.
رغم الظلام الذي يحيط بغزة، هناك ضوء ينبعث من إرادة الناس. هذه المدينة، التي تعرضت للحصار والقصف لسنوات، تعلمت أن تجد القوة في مكان لا يستطيع غيرهم الوصول إليه. في وسط كل هذا الدمار، هناك من يبني، من يعلّم، من يُنقذ، ومن يعالج. لا تزال هناك محاولات لإعادة ترميم الطفولة و الدراسة والمستشفيات، لا تزال هناك محاولات لاستعادة الحياة.
ما يحدث في غزة ليس مجرد أرقام تُسجل في نشرات الأخبار. إنه واقع يعيشه الملايين كل يوم. أجيال من الأطفال الذين لن يعرفوا ما هي الحياة العادية، وأسر لا تعرف كيف ستستمر. ورغم هذا كله، ينبض الأمل في قلوبهم، أمل في أن يأتي يوم يعيش فيه أطفالهم بحرية، دون خوف، في وطن يشعرون فيه بالأمان.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-10-2024 09:38 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |