15-10-2024 10:25 AM
بقلم : يوسف الطورة
اكتب لك الآن لاعلمك أنني ما زلت على قيد الكتابة، رغم أنها لم تعد تستهويني كالسابق، الكتابة هذه العادة اللعينة أصبحت وسيلة لقتل الوقت وفي كثير من الأحيان لقتل أحداث فضلت كتمانها.
كلما أقسمت الا أكتب حرفاً، اخاطب به عقول ران عليها الجهل المقدس، حنثت بقسمي فأخذ بيدي ضغثاً واضرب قلمي ولا اكلم الناس ثلاثاً "كفارة لذنبي"، واتذكر معها حكمة والدتي القائلة: "حمقى هم الحالمون، ولا تزال توصي لن يقبل التاريخ منك التفريط بكرامة، وأن اغلب ما حولنا سقط علينا سهوا".
أيها الرفيق، أنت ادخلتني في هذه الورطة، وعليك أن تخرجني منها، أنت اهديتني كتبك وقلمك، وعلمتني أن استخدم لساني في شيءٍ غير إلصاق الطوابع.
طفلا كنت حينها، أقسم ذات يوم كنت طفلا، أظن أن كلمة واحدة قادرة أن تقلب التاريخ وتغير ملامح الحياة، قبل التيقن أن الكلمات أصبحت بليدة عقيمة، والأوراق خطت بمداد المثقفين الجدد، حتى فقدت اتزانها ونصاعة بياضها.
المجانين وحدهم يتناسلون بلا واسطة، "سقراط" مثالا لا الحصر، المجانين وحدهم يتمردون على الواقع وينسلخون من الأنا، ويخرجون من سلطة الانغلاق الفكري.
المجانين دائما في حالة إنعتاق، ولا تضطرهم الحاجة أن يمدوا يد حريتهم ليستجدوا من زخرف وبرج العبودية شيئاً، المجانين أحرار في إختيار الطقوس التي تناسب محل إقامتهم.
أعلم أن هذا سيقودني لفقدان صوابي يوماً، ابداً لا امانع، ولتذهب العقول "المُستعبدة" التي تمارس دعارة الكلمة إلى أي جهنم تختارها.
يا رفيق.. ما عاد الزمان زماننا، ولا المكان مكاننا، وما دمنا في اللازمان واللامكان الذي يليق بنا، لنكن عبثيين ومجانين متى رغبنا، فكل ما حولنا لا يشبهنا وسقط علينا في لحظة سهوا منا.
يبدوا اخطئنا عندما قدرنا الكلمة، وأن حروفنا أخطأت وافرطت كثيراً في شرب الحبر، فاورثتنا غضباً تشابه علينا، ما زال هذا الغضب يطاردنا وساري المفعول فينا حتى احسبه يقيناً سنورثه الأحفاد منا.
يبدوا ان الحروف أخطأت ظلها على الورق، وأن "بسم الله مجراها ومرساها" التي انجت سفينة نوح ومن على ظهرها يوم اقامها من الغرق، هي نصف بسملة قرأها نبي الله، ونحن نقرأ البسملة في اليوم عشرة ويزيد كاملة، ولا زلنا غرقى مؤجل موتهم.
ثمة نوايا لا تشبهنا، يستيقظ صاحبها كل يوم يظهر كذباً وزوراً نوايا البسطاء، يتأبط فطرة الناس السذج، وفي الخفاء بعقلية وثقافة الميكافيلية والفهلوة بوصفها المرادف حد التطابق، والفلسفة الأفلاطونية، التي باتت تتراءى وكأنها "جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ".
لتذهب كل الامنيات والأحلام السابقة واللاحقة والمؤجلة أيضا للجحيم، ومعها حسن النوايا طالما الضمائر مؤجرة، وثمة من يحاول عبثا المشي على الماء ونغرق على اليابسة، وكل هذا التعليم والجهل في المدرسة، وأني لاتعجب كل هذه الديانات التي ملئت الأرض والاصنام لا تزال مقدسة.!!
انهم يخافون المجانين، يخافوننا لأننا نلون النهايات وندعدغ خاصرة الحزن والألم حتى نشبعه ضحكاً، وفي هذا كفاية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-10-2024 10:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |