21-10-2024 10:42 AM
بقلم : نادية سعدالدين
حينما تقترب المقاومة من إحراز انتصار ما، يعمد العدو الصهيوني مُضطراً للالتفاف عليها باللجوء إلى قوة خارجية، مثلما برز في مفاصل تاريخية كثيرة وصولاً إلى عملية “طوفان الأقصى”، غير أن مساعيه كانت تؤول دوماً إلى فشل ذريع.
حدث هذا النمط من المواجهة سابقاً عبر اتفاق أوسلو 1993 الذي شكل محاولة التفاف على الانتفاضة الفلسطينية 1987، مثلما تجلى في الانسحاب الصهيوني أحادي الجانب من قطاع غزة 2005، مشكلاً محاولة أخرى للالتفاف على انتفاضة الأقصى 2000 من خلال التلويح بخريطة الطريق وبالدولة الفلسطينية منزوعة السلاح والممتدة جغرافياً على ثمانية “كانتونات” منفصلة.
ولكن نمط الالتفاف لم ينجح في القضاء على المقاومة، فاستمرارية الأخيرة تأتي كنتيجة لرفض الظلم والعدوان ولوجود أسباب على الأرض تتجسد بالاحتلال، وما دامت الأسباب قائمة فإن النتيجة ستظل شاخصة وقائمة.
ورغم فشله؛ إلا أن الكيان الصهيوني يُعاود محاولاته، بالاستعانة بالقوى الغربية الأميركية، للقضاء على المقاومة بعد استشعار خطورتها، في 7 أكتوبر، نظير ما حققته عملية “طوفان الأقصى” من انتصار إستراتيجي غير مسبوق وهزيمة نكراء للمؤسسة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية الصهيونية، وحجم نتائج فاق أكثر التوقعات المتفائلة طموحاً.
وبرز الالتفاف الصهيوني الغربي على المقاومة الفلسطينية من خلال طرح سيناريوهات غربية لمستقبل غزة غير قابلة للتحقق الفعلي، مثل الإدارة المؤقتة أو القوات العربية والدولية أو عودة السلطة الفلسطينية، لأنها ألغت حق الشعب الفلسطيني، بقواه ومكوناته الحية، في تقرير مصيره، وكرست فصل القطاع عن الضفة الغربية، وبُنيت على سيناريو واحد يقضي بهزيمة حركة “حماس” والمقاومة مع استبعاد أي احتمالات أخرى، بما يخالف الواقع.
أما الاحتلال فما يزال يتنقل بين مشاريعه الصهيونية؛ فإما بقاء سيطرته الأمنية الشاملة على قطاع غزة وتغييب “حماس” عنه، وإما عودة السلطة الفلسطينية المشروطة إليه بإدانة “طوفان الأقصى” واحتفاظها بالصلاحيات الإدارية والمدنية دون الأمن الموكول إليه، تماثلاً لوضع المناطق “ب” في الضفة الغربية، أو إقامة إدارات محلية بدلاً منها.
ومن بين خطط الاحتلال أيضاً يبرز مسعى ضم شمال قطاع غزة لكيانه الصهيوني، مقابل مطلب احتلاله بالكامل أسوة بالفترة من عام 1967 حتى 2005 حينما انسحب منه مُجبراً إثر ضربات المقاومة الموجعة.
غير أن تلك الخطط تندرج في سياق واحد؛ التوسع والتهجير. فمهما اختلفت مشاريع الاحتلال وتعددت أشكالها، فإن مضمونها واحد؛ تهجير الشعب الفلسطيني وضم فلسطين كلها لكيانه الصهيوني، توطئة لمشروعه التوسعي بالمنطقة، مقابل الالتفاف على المقاومة بصيغ لا تحقق الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
إن الكيان الصهيوني ينتقي من التاريخ ما يريد، مستنداً إلى ادعاءات تاريخية أسطورية تأخذ بما يسمى “النزعة التاريخانية” التي تزعم بحتمية حدوث إيقاعات ومراحل معينة، وبمسار محتوم للتاريخ يمكن التنبؤ به مسبقاً، وهي رؤية تندرج على التجمع الصهيوني المغلق.
إلا أن تلك المزاعم تصطدم دوماً بنضال الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في التحرر وتقرير المصير، والذي تتضمنه الثقافات والأديان وتكفله مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-10-2024 10:42 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |