24-10-2024 10:54 AM
بقلم : عبدالهادي راجي المجالي
.. قرأت في المدرسة عن المراحل، مثلاً في التاريخ العربي والإسلامي.. قرأنا عن مرحلة الدولة الأموية، ثم المرحلة العباسية.. بعد ذلك عن الدولة الفاطمية والعثمانية... أتعبتني المراحل!
حتى في العلوم قرأت عن الزراعة، عن البذرة ووضعها في التراب.. وعملية انفلاقها، ثم مرحلة بروز الساق.. وبعد ذلك مرحلة تكون الأغصان..
ومن ضمن ما علمونا اياه في درس العلوم أيضا، عملية تكون الجنين في بطن الأم.. من تلقيح البويضة، ثم تكون الجسد ثم بدء القلب بالخفقان، بعد ذلك الحبل السري.. وحتى الولادة.
الدول أيضا لها مراحل: فقد تعلمنا من كتب المنهاج عن الثورة العربية الكبرى، ومرحلة مبايعة العشائر ومشاركتها في الثورة، ثم تكون الإمارة.. ثم الاستقلال ونشوء الدولة.. وبعد ذلك معاركها في فلسطين.
كل شيء يخضع للمراحل..
أنا الوحيد في هذه الدنيا الذي خرق المراحل، لم تمر علي أبدا.. مرحلة مختلفة عن الأخرى، الحزن واحد.. ففي شبابي كان يأتيني معلبا، وها أنا الآن على مشارف الكهولة أتلقاه (بالتنكة).. والسردين (الميلو) ظل كما هو.. فقد أكلته في طفولتي وشبابي والطعم لم يتغير بعد كل هذه السنوات.. تبين لي أن مرحلة سردين (الميلو) مرحلة مستمرة لا تتوقف..
حتى المناسف لم تتغير.. في طفولتي كنت أحب أن أقف على المناسف التي توضع في الزوايا، حتى لا يأتي الكثير من الناس معي.. ما زلت للآن بذات الاندفاع أعشق الزوايا.
(الهبل) أيضا ظل واحدا لم يتغير، فقد أمضيت من عمري وقتا في البحث عن (الولاعة).. ومفتاح السيارة، وريموت التلفاز.. وما زلت كل يوم أبحث، كنت أظن أن العمر كفيل بجعل مرحلة البحث تنتهي، ولكن ما زاد الطين بلة أن العمر جعلني أيضا أفقد ذاتي.. أنا والولاعة و(ريموت) التلفاز ما زلنا نسبح في الضياع.
أنا الوحيد الذي جئت إلى الدنيا من دون مراحل، كان من الممكن أن أتطور و أفيق في الصباح دون أن أشرب الشاي، تخيلوا المجتمعات عبرت باتجاه (النسكافيه) وأنا ما زلت مدمنا على الشاي (الحل).. وما زال صحن الزيت ذاته وصحن الزعتر ذاته، وما زال صوت أمي في المطبخ.
يبدو أنني أكره التطور، حتى شفرات الحلاقة ماركة (التمساح) والتي نشتريها من السوق بسعر زهيد، ما زالت رفيقة وجهي.. حتى الحلاقة لم أنقلب عليها..
أنا ضد المراحل كلها.. العمر لدي يمر بمرحلة واحدة فقط لا تتغير..
وتسألني يا ابن دمي لماذا يكرهونك؟
Abdelhadi18@yahoo.com
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
24-10-2024 10:54 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |