27-10-2024 03:24 PM
بقلم : المهندس الزراعي سالم الخصاونه
وسط الظروف الإقليمية المعقدة والتحديات الداخلية التي تواجه الأردن، تقع على وزارة الزراعة مسؤولية كبرى لتحقيق التوازن بين دعم القطاع الزراعي وتأمين الأمن الغذائي الوطني. إن ما تطرحه جمعية الحمضيات من ادعاءات حول "تغول" وزارة الزراعة وتوجيه الاتهامات المستمرة فيما يتعلق بسياسات الاستيراد يستوجب التوقف أمام الصورة الكاملة، بعيدًا عن محاولة تشويه الحقائق أو تسييس القضايا لأهداف ضيقة.
وزارة الزراعة، بقيادة المهندس خالد الحنيفات، لم تتخذ قراراتها بشكل عشوائي أو لإرضاء مصالح فردية. بل على العكس، فهي تعمل بجد وحرص استثنائي لضمان مصلحة الوطن أولاً، مستندة إلى رؤية استراتيجية تعزز من قدرة المملكة على مواجهة تحديات الأمن الغذائي في ظل الأوضاع الإقليمية التي قد تؤثر على الاستيراد أو الإنتاج المحلي. هذه القرارات ليست وليدة اللحظة، بل نتاج دراسات معمقة تأخذ في الحسبان مصالح المزارعين المحليين وحاجة السوق الوطني إلى تنويع مصادره لتحقيق الاستقرار الغذائي.
إن الادعاء بأن استيراد الحمضيات في ذروة الإنتاج المحلي يشكل ضررًا على المزارعين هو مبالغ فيه وغير دقيق. فالوزارة تلتزم بالاتفاقيات التي تم توقيعها مع ممثلي القطاع الزراعي وتنظيم دخول المنتجات المستوردة ضمن إطار زمني مدروس بعناية. الهدف من ذلك هو تحقيق توازن بين الإنتاج المحلي وضمان عدم حدوث نقص في السوق، خاصة في ظل الظروف المناخية والاقتصادية المتقلبة التي تؤثر على المنطقة.
ما تقوم به وزارة الزراعة يتجاوز مجرد تنظيم عملية الاستيراد، فهي تعمل بشكل مكثف على تطوير القطاع الزراعي المحلي من خلال دعم مشاريع الصناعات الزراعية، كتأسيس مجمع الصناعات الزراعية في الأغوار الجنوبية. هذا المشروع وغيره يسهم في تعزيز سلسلة التوريد، التخزين، التبريد، واستخدام الطاقة المتجددة، بما يضمن استدامة الإنتاج المحلي ورفع جودته ليكون منافسًا قويًا على المستوى المحلي والدولي.
إضافة إلى ذلك، تبنت الوزارة سياسة رصينة فيما يخص تطوير نظم الري واستخدام التكنولوجيا الحديثة، مما يساعد في مواجهة التحديات المناخية التي تؤثر على المزارعين. كما قامت الوزارة بتعزيز بنك البذور الوطني لدعم المخزون الاستراتيجي من البذور الأساسية مثل القمح والشعير، وهو ما يمثل ضمانًا للأمن الغذائي في حالة حدوث أي تقلبات في الأسواق العالمية.
إن الاتهامات الموجهة للوزارة تأتي في ظل مناخ من الشعبوية التي تحاول تشويه الحقائق لتحقيق مكاسب شخصية أو فئوية. ولكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن وزارة الزراعة تحت قيادة المهندس الحنيفات تعمل بجد وشفافية في خدمة المصلحة الوطنية. فالقرارات لا تُتخذ لإرضاء طرف على حساب آخر، وإنما تستند إلى رؤية وطنية تنظر إلى الصورة الكبرى، واضعة مصلحة الأردن فوق كل اعتبار.
الوزارة لم تغلق أبوابها يومًا أمام مطالب المزارعين، فهي مستمرة في الحوار مع جميع الأطراف المعنية وتستمع إلى وجهات النظر المختلفة، ولكن لا يمكن أن تكون القرارات مبنية على مطالب غير واقعية أو بعيدة عن المصلحة العامة. الهدف هو دعم القطاع الزراعي بأكمله، وتحديدًا زراعة الحمضيات، ولكن مع الحفاظ على استقرار السوق وضمان توفير السلع الغذائية الأساسية لكافة المواطنين.
إن الأمن الغذائي هو مسؤولية وطنية مشتركة بين الحكومة والمزارعين والمواطنين، ولا يمكن تحقيقه من خلال قرارات متسرعة أو استجابة لضغوط معينة. بل هو نتاج عمل متواصل يعتمد على رؤية شاملة تنظر إلى مستقبل الأردن واحتياجاته، سواء في قطاع الزراعة أو في قطاعات أخرى مرتبطة.
في النهاية، يبقى أن نؤكد أن وزارة الزراعة تواصل العمل بإخلاص ومسؤولية في ظل الظروف الداخلية والإقليمية الصعبة، واضعة مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات، وداعية الجميع إلى التعاون والتكاتف من أجل تحقيق أمن غذائي مستدام ومستقبل زراعي أفضل للجميع.
بقلم : المهندس الزراعي سالم الخصاونه
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
27-10-2024 03:24 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |