28-10-2024 08:49 AM
بقلم : نيفين عبدالهادي
عندما تصنّف إسرائيل المواقف كما تريد، وتجعل من الحق باطلا، ومن الصح خطأ، هكذا تدير واقعها، ظنا منها أنها على صواب، أو أن لها هذا الحق في التصنيف، وإدارة الواقع، وهي تقترف يوميا أخطاء وجرائم لم تشهدها البشرية بتاريخ حروبها، إذ يختلف الوضع عندما يطالها شيئ من تبعات جرائمها، متناسية نداءات أكبر من حناجر العالم بضرورة وقف الحرب على أهلنا في غزة، حتى يعم السلام، بإصرار على المضي في درب إجرامها وبالمقابل ترفض على نفسها أي ردّ أو أي حق سواء كان بالدفاع عن النفس أو طلبا للحرية والسلام وإحقاق الحق.
لا يوجد أي شخص على هذه المعمورة يحب الحروب أو يسعى لها، لكن بذات الوقت لا يوجد أي شخص يمكن أن يمنع مدافعا عن حقه، وعن سلامه وسلام أسرته، وعن تحرير أرضه من إدارة ظهره لكل ذلك، سيما وأن إسرائيل تصرّ مع سبق الإصرار على المضي في جرائمها، التي تزداد عنفا وبشاعة وإبادة ترقى حدّ المجازر، مغلقة مسامعها عن أي مطالبات بوقف الحرب، ظنا منها أن نيران هذه الحرب بعيدة عنها، ولن تطالها، وفي ذلك استغراب كبير كونها تدعي انتصارات وتدعي أنها تدير حربا ناجحة لجهتها «بطبيعة الحال»، لتتفاجأ في حال تعرضت لرد فلسطيني من غزة أو القدس أو الضفة الغربية، أو رد لبناني، كما شاهدنا يوم أمس، متناسية أنها من تسبب بكل ذلك، وأنها من تقود حربا دخلت عامها الثاني وامتدت للشقيقة لبنان، دون ان يرمش لها جفن اهتمام.
تصرّ إسرائيل على استهداف مراكز الإيواء، بمجازر قاسية لم تشهدها البشرية، أمس الأول قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مربّعا سكنيا في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، مما أسفر عن ارتقاء وإصابة العشرات من الفلسطينيين، وصفته وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بأنه تحدٍ صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واستمرار لنهج الاستهداف الوحشي الممنهج للمدنيين الأبرياء، واستمرار لارتكاب إسرائيل جرائم الحرب بحق الفلسطينيين، بيد حكومة متطرفة تتناسى كل قوانين حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، ناهيك كما أكدت وزارة الخارجية على أنها غير مكترثة بالإرادة الدولية الداعية لوقف الحرب وما تنتجه من كارثة إنسانية غير مسبوقة.
والسؤال المشروع هل تعتقد إسرائيل بعد كل هذه الجرائم، التي سبقها المئات من قصف لمستشفيات ومدارس، ومراكز إيواء، هل تظن ألا يكون لكل هذا الفعل ردة فعل، هي بذلك تعيش حلما بائسا، أو أنها تظن أن لا حق للفلسطيني بالدفاع عن نفسه، ونيل حقوقه المشروعة، أو تعتقد أن القوانين ومعايير الإنسانية وضعت لها وحدها، هي حقا بذلك تبقى في دائرة «الظن والاعتقاد» لأنها بذلك تكذب على نفسها قبل الكذب على الغير الذي بالمناسبة تجيد أعلى درجاته، فعلى إسرائيل أن تدرك أن استمرار الحرب على قطاع غزة، ولبنان، لن يجلب سوى غياب السلام وهو الذي نادى به الأردن بأن حلّ كافة أزمات المرحلة لن يبدأ إلاّ بوقف الحرب على الأهل في غزة، لكن إسرائيل تظن «واهمة» أن تصنيف الحقوق أمر يمكن تطبيقه وقتما تشاء وعلى من تشاء، هو وهم تعيشه إسرائيل وتصرّ على جعله أسلوبا لحياتها، متناسية أنه مجرد وهم فعلى أرض الواقع الحق والقوانين يجب أن تكون للجميع وعلى الجميع، دون استثناءات أو تقسيمات.
الدستور
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-10-2024 08:49 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |