29-10-2024 11:10 AM
بقلم :
جنى محمد العبادي
تحت ضوء القمر، في ليلةٍ ماطرة، كنت ذاهبة لأجلس مع أفكاري لنتبادل الأحاديث، ليست هلوسات لكنّها بعض المشاعر المكدَّسة بداخلي، كما يتكدَّس السكّر في قاع كوبٍ من الشاي، أشعر ببرودة الأرض لامست جسمي، هبّت رياحٌ لامست وجهي، وكأنّها تقول لي: انطقي... وكأنّها أحسّت بأنّني سوف أتكلَّم، همست في أذني قائلة: نحن نسمعك...
وهبّت نسمة هواءٍ دافئةٌ أشعرتني بأمان: من أنتِ؟ وكيف تعرفينني؟
أتبعُكِ خطوةً بخطوة، لا أفارقكِ.
لماذا أنتِ هنا؟ هل جئت حقًّا لتسمعينني؟ أم أنّكِ ستفعلين كما فعل من قبلك؟
لا أعتقد ذلك حقًّا؟
اسردي ما لديكِ وارحلي.
أنا هنا لكي أطلق سراح مشاعري المحبوسة.
وأنا كذلك لديَّ مشاعر مكدَّسة لِمَلْء الجبال، هل أنتِ بشر؟
لا يهمُّكِ من أنا، هل ستقولين لي من أنتِ أم أرحل؟
بعد سكوت دام أكثر من دقيقة، إلا أنَّني شعرت بدفءٍ غريب يعانقني تسلّلتْ رائحة المطر إلى أعماقي وأيقظت في داخلي، ذكريات قديمة وحنين إلى لحظات مضت لكنّها لم تُنسَ، توقّفت قليلا، وكأنّني أستجمع شتات أفكاري، تلك الرياح التي كانت تهمس لي لم تكن مجرّد نسمةٍ عابرة، كما لو أنّها تحمل أسرار الكون لتخبرني أنّني لست وحدي في هذه الليلة، كنت أتساءلُ: هل فعلا تسطيع الرياح أن تسمعني؟ أم أنّني أتخيّل هذه اللحّظة لملء فراغ داخليّ؟
أغمضتُ عينَيَّ لفترة، وتركت عقلي يسبح بعيدًا، الصّور القديمة بدأت تظهر أمامي، تفاصيل صغيرة كنت قد نسيتها، ضحكة كلمة لقاء كل شيء عاد كأنه شريط ذكريات يشقّ طريقه بين قطرات المطر ومع كلّ ذكرى، شعرت وكأنّ قلبي يخفّف من أعبائه، وكأنّ تلك الرّياح جاءت لتأخذ ما لا أستطيع حمله.
نعم هي ليست بشرًا، ربّما هي جزء من الطبيعة لكنّها تشعر تسمع تحتوي كانت ليلة ماطرة شاهدة على حوار بيني وبين نفسي وبين تلك الروح التي تلازمني، شعرت بأمان وكأنّني أخيرًا استطعت أن أفتح نوافذ روحي لتتنفّس لتطلق ما كان مكتومًا.
وقبل أن تغادر الرياح، همست لي من جديد: لن ترحلي فارغة، ستأخذين معك هذا السّلامَ وتتركين هنا كلَّ ما أثقل قلبكِ.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-10-2024 11:10 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |