31-10-2024 10:15 AM
بقلم : رايق المجالي /ابو عناد
للشماغ الأردني الأحمر قصص نسجت خيوطه وألوانه وليست قصة واحدة كما في العنوان ، فهذا اللون الأحمر مع الأبيض لم يكن هو المعتمد ولم ينتشر بين الأردنيين قبل مئة عام بل كان اللون الغالب هو (الأسود والأبيض) والذي صار يرمز إلى (الأهل في فلسطين بل صار يرمز لفلسطين) فعرفه العالم بأنه رمز للأحرار والثوار على كل طغيان.
وقصة تحول الأردنيين إلى ارتداء الشماغ بألوانه الحالية الحمراء والبيضاء وتحول الشماغ بالأسود والأبيض ليرمز لفلسطين أو الفلسطينين ترجع إلى طبيعة الشعب الأردني وطبيعة الشعب الفلسطيني إن جاز التقسيم في التسمية لأن ما تدلل عليه هذه الاختيارات الطبيعية للون الشماغ لكل شعب هو أن هذا الشعب الواحد على طرفي نهر الأردن لا يتعلق وجدانه أو يلتصق في هذا الوجدان إلا ما يربطه بالأمور العظيمة وقضية هذا الشعب وهي الحرية والكرامة على أرضه.
فالشعب شرق الأردن وهو القبائل والعشائر العربية العريقة تحول إلى اعتياد ارتداء ( الشماغ الأحمر والأبيض) لأن هذه الألوان هي ما تم اعتمادها في لون (شماغ الجيش العربي) ولأن الجيش العربي يمثل (كرامة وعزة) الأردني ولأنه حتى في تسميته (العربي) جمع كل ما يرمز إلى العروبة بكل ما في (مفردة العربي) من أنفة وكرامة وعزة وفضائل العرب ،ولأن هذا الجيش هو (الشعب) فقد تكون من أبناء القبائل والعشائر الأردنية وما زال لليوم فكان كأنه مقياس العروبة والرجولة والفروسية الأردنية العربية فهذا الجيش عرف عنه منذ تأسيسه بأنه (عرين الأسود من الرجال) ولا يقبل في صفوفه إلا الفرسان بالفطرة ليصقلهم جنودا للحق فيرسلهم في نحر الأعداء رماحا للقنا لا تنكسر.
أما أهلنا في فلسطين ولأنهم بعضنا ولأنهم لا ظهر لهم إلا الأردنيين شرقي نهرهم فقد تعلقت قلوبهم بألوان الشماغ الأسود والأبيض لأنه شماغ القبائل والعشائر الأردنية الذي شاهدوه على رؤوس الأحرار وأول طلائع الفدائيين من هذه العشائر والقبائل الذين هبوا وعبروا النهر مغربين لينضموا إلى فدائيي فلسطين ولجيشهم الأردني فور زحف العصابات ال ص ه ي و ن ي ه بإشراف الإنجليز لإحتلال الأرض في (١٩٤٨) وقد تعمم هذا التعلق وانتشر ارتداء الشماغ بألوانه الأسود والأبيض عندما ارتداه (تحببا وتقربا من العشائر والقبائل الأردنية الثائر والفدائي في ذلك الحين الراحل المرحوم باذن الله"ياسر عرفات " عندما عاش بين هذه القبائل والعشائر ابنا لهم يساندونه ويدعمونه ومن معه من مناضلين في الغالي والثمين وكل ما يملكون ،وهو الرجل الذي تحول مع الوقت بسيرته النضالية إلى رمز للنضال في وجه العدو ومحتل الأرض وهو الذي ارتدى هذا الشماغ أول مرة ولم يظهر بعد ذلك بدونه فالتصقت ألوان الشماغ الأسود والأبيض برمزية الرجل الذي شكل بشخصه ومظهره رمزية للقضية الفلسطينية.
فالشماغ الأردني (الأحمر والأبيض)حكايات الأردنيين عن بطولات جيشهم العربي وعن بسالة جنده في كل موقعة دفاعا عن فلسطين والأردن فلم يربض أسد من الجيش الاردني في سهول وهضاب وجبال فلسطين ولم يرتقي شهيد من هذا الجيش على ثراها إلا (والشماغ الاحمر والأبيض) خوذته العسكرية وقد (تعصب بشماغه) ولفه ليثبت العقال على رأسه رمز عزته ليكون هذا التثبيت للعقال وهذه العصبة هي أداة التركيز في ساعة الصفر على نحور الأعداء.
وهو حكايات الأردنيين عن معارك وملاحم جيشهم في (الشيخ جراح )و( الرادار) و(مستعمرة رامات راحيل) و(باب الواد) و(اللطرون) و(اللد والرملة) و(تل الذخيرة) و (الكرامة) و(الجولان) .
وقد تفرد الشماغ الأردني دون غيره في أزياء الشعوب والبشرية جمعاء عبر تاريخها بأنه قد جعل (اللون الأحمر مع الأبيض) وبالنقشة الأردنية مع اعتلاء العقال الأسود لها ألوانا محايدة تنسجم مع أي لون آخر يرتديه الإنسان ومع كل أشكال الأزياء القديمة والحديثة ،بل إن هذه الألوان الأردنية ورمزيتها صارت تجمل وتزين أي لباس أو زي وتضفي عليهما هيبة ووقارا ولمعانا يبهر الناظرين.
والشماغ الأردني أيضا تميز بمن يرتدونه وهم الأردنيون فجماله في أن طريقة ارتدائه (تعنقر) ووضعية (العقال) على الرأس ثابتا لا يتحرك ولا يسقط لا تكون إلا لأن الأردني يتقن إبقاء رأسه مرفوعا في كل حالاته ، فلا يسقط هذا العقال مهما تحرك وفي أي إتجاه ومهما تمايل الجسد لأي سبب حتى لو كان الأردني يقاتل ويمتطي (عسيف الخيل) في أشد المعامع.
وهذا الثبات للعقال وبقاء الرأس مرفوعا لا يسقط ما اعتلاه لا يكون إلا ممن كانت العزة فطرة في النفس والشموخ سليقة وطبع ، فمن لم يمتلكها في نفسه لن يثبت على رأسه شماغه أو عقاله أو أي غطاء للرأس حتى لو ثبته في (لاصق قوي متين) .
فالخلاصة أن الشماغ الأردني ( الأحمر والأبيض) هو حكايات الأردنيين والفلسطينيين والأردن وفلسطين وحكايات الخيل والليل ورائحة الهيل مع صوت (الجرن في بيوت العز) وعلى إيقاع قدح حوافر الأصايل أو ايقاع هرولتها وهو طلة الجندي والضابط وهيبتهما وهو (عنقرة) الملوك الهاشميين وجمال طلتهم وهيبتهم وهم التاج الأردني الهاشمي العربي الذي يعنقر به وطن وشعب أردني عظيم.
أبو عناد.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
31-10-2024 10:15 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |