06-11-2024 08:39 AM
بقلم : أحمد الحوراني
واجه الأردن منذ تأسيسه تحديات جِساماً عندما قُدِّرَ له أن يكونَ دائمًا في واجهة الأحداث والحروب التي خاضتها الأمة، وظلّ هذا الوطن بقيادته الهاشمية متمسكًا بقيمهِ وقناعاتهِ ومبادئه التي لم يهادن في سبيلها ولم يتخلَّ عنها..
وكان الأردن على الدوام جزءًا فاعلًا من أمته العربية، ورافدًا أساسيًا من روافد العمل العربي، وسعى باستمرار إلى تحقيق الوفاق والاتفاق، وقيام علاقات من التعاون البناء بين جميع الدول الشقيقة، وتجاوز جميع أسباب الخلاف والاختلاف، انطلاًقا من وحدة الهدف والمصير المشترك.
وقد كان الأردن، منذ نشوئه، القاعدة القومية، التي اتخذت منها الثورة العربية الكبرى، مرتكزًا رئيسيًا لها، لاستئناف انطلاقها، نحو تحقيق أهدافها، في الحرية، والوحدة، والحياة الأفضل. وبذلك كان النقطة التي تجمعت فيها، تلك العناصر التي حملت راية الكفاح من أجل الحرية، ونذرت نفسها في سبيل الظفر بالاستقلال. كذلك فقد التقت من حولها، الأماني الوطنية. والأهداف القومية التي بلورها الكفاح العربي الطويل وحملتها الرسالة العربية المقدسة، في العصر الحديث.
ورغم شح الامكانات وندرة الموارد فقد تمكن هذا البلد من تحقيق الكثير من الانجازات التي فاقت التوقعات، وتعززت إمكانيات الدولة ومكتسباتها التنموية في ميادين الاقتصاد والتعليم على اختلاف أنواعه والصحة، والثقافة، وغيرها، ولم تكن إنجازات الدولة تلك، هدية لنا من الغيب، ولا كانت ثروة ساقها لنا محض صدفة، وإنما هي النتيجة الحتمية، لما اشتمل عليه كيان بلدنا، والثمرة المحتومة، لمحتوى الحياة التي عاشها هذا البلد، عاماً بعد عام، وبمثل ما توافرت للأردن، القيادة التي تكرس نفسها في سبيل تحقيق الرسالة، وترى كل مجدها فيما تقدمه لوطنها من خدمة صحيحة صادقة، كذلك فقد توافرت للأردن، القاعدة الشعبية، التي حولها مفهوم الأسرة الواحدة، إلى قوة هائلة، تتحدى الصعاب والعقبات، وتقهر الضيق والحاجة، وتضرب مع قيادتها، بجرأة وشجاعة وإخلاص، في دروب الكفاح الأصيل من أجل الرسالة، والنضال الشريف في سبيل بلوغها.
بتلك الصورة قدّم الأردن نفسه وحافظ على نفسه وعرف كيف يتجاوز التحديات من جانب والمؤامرات من جانب آخر..
واليوم إذ يقف الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بإباء وشموخ عروبي وإسلامي مبدأي وشجاع ويتصدى لكل محاولات النيل من ثبات وصمود إخواننا في فلسطين وقطاع غزة التي تواجه حربًا ضروسًا لا هوادة فيها، وحيث قدم جلالته شتى أنواع الدعم السياسي والدبلوماسي والإنساني وطالب المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته، وكان القائد المبادر والحاضر والمؤثر في كل لقاء وحوار من شأنه التأثير على مجريات الحرب وإيقافها بشكل فوري وعاجل، فإن كل ذلك يحتّم علينا مسؤوليات كبيرة تجاه وطننا وأمننا وأماننا، وعلينا جميعًا أن نجاهد لنرى المعاني والقيم التي تتمثل في كوننا أسرة واحدة في هذا البلد، تزداد عمقًا ورسوخًا، ويزداد معها حرصنا على أن تنعكس حقيقة الأسرة الواحدة التي نحياها، بكل قيمها ومعانيها، على كل خطوة من خطواتنا، وكل لحظة من لحظات سلوكنا في هذه الحياة.
أكتب عن الأردن (القيادة والتاريخ والرسالة) بكل ما تحمله الكلمات من معانٍ وقيم ودلالاتٍ عظيمة، علينا أن نستوعب ونعي عمقها وأن نتلمس آثارها فينا، والمسؤولية بذلك تقع على عاتقنا وعاتق الكثير من المؤسسات والجهات المناط بها إدارة دفة تعزيز مفاهيم الولاء والانتماء والفهم الحقيقي الجاد لدور الأردن ورسالته في نهضة نفسه وبناء أمته والانتصار لقضاياها المصيرية التي تقدمتها فلسطين مبتدأً وخبرًا وجملةً وتفصيلاً.
هذا هو الأردن الذي تمكن من إدامة ذلك على مدى أكثر من مئة عام، وبجهود أبنائه المخلصين وبالسعي نحو النماء والتنمية المستدامة، وبهذه الروح تزداد ثقتنا بأن مسيرة البناء ستستمر على ما تم إنجازه لمئة عام أخرى، مستذكرين حقيقة صارخة أن (رُبع) تلك المئة قد مرَّ تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، في ظروف إقليمية وعالمية أقل ما يقال عنها إنها غير مستقرة، وفي أحيان كثيرة كانت وما زالت صعبة ومعقدة، فالناظر في تاريخ الأردن منذ نشأته، يدرك بسهولة أنه ولد في عين العاصفة، ولم يعرف الهدوء إلا لحظات قليلة مقارنة بسنوات عمره.
مع الملك وقيادته الحكيمة ودبلوماسيته الفائقة وشجاعته منقطعة النظير وإيمانه بأن الأردن هو البلد الذي تحمّل تبعات القرارات الصعبة في سبيل نصرة أمته، نمضي بثبات وتماسك نسيج مجتمعنا على أسس من الخير والمحبة والتسامح والتي هي العماد الرئيسي في تحقيق ما نصبو اليه من أهداف كبرى على المدى القريب والبعيد.
Ahmad.h@yu.edu.jo
الرأي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-11-2024 08:39 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |