09-11-2024 02:10 PM
بقلم : رضا السميحيين
فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2024 لم يكن مفاجئًا للكثيرين، لكن ما يجعل الأمر أكثر سخرية هو أنه، مرة أخرى، حطّم حلم النساء في الوصول إلى البيت الأبيض. بعد أن قضى على طموح هيلاري كلينتون في 2016، يعود اليوم ليحبط آمال كامالا هاريس، أول امرأة تترشح للرئاسة كمرشحة رئيسية. ولكن جاء ترامب مرة أخرى ليؤكد أن "الزعامة" لا تزال حكرًا على الرجال.
على الرغم من الحملات الانتخابية المتقاربة، فإن نتائج انتخابات 2024 كانت مفاجئة للبعض، لكنها لم تفاجئ الجميع. الكل كان يدرك أن ترامب يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة يصعب تجاهلها، وأن له قدرة خاصة على تحويل أي منافسة إلى عرض من الإثارة والمغالطات. في هذا السياق، كانت كامالا هاريس، التي تعدّ أول امرأة تتحدى الحواجز الزجاجية في السباق الرئاسي الأمريكي، تظن أن الوقت قد حان لتثبت للعالم أن النساء قادرات أيضًا على حكم أقوى دولة في العالم. لكن ترامب، كما هو متوقع، عاد ليعلن للجميع: "البيت الأبيض مكان للرجال فقط".
من جهتها حاولت هاريس تقديم نفسها كبديل هادئ وناضج بعد فترة رئاسة ترامب السابقة المثيرة للجدل، بدا أن ذلك لم يكن كافيًا في مواجهة شخصية ترامب الاستفزازية التي لا تعرف الحدود. فترامب ليس فقط صاحب أسلوب ساخر في التواصل مع مؤيديه، بل يملك أيضًا قدرة فريدة على إقناع الناخبين بأن عودة "عظمة أمريكا" لا تتحقق إلا عبر "الرجال الأقوياء" الذين يجيدون الحكم. أما هاريس، فكانت تمثل الأمل النسائي، إلا أن هذا الأمل تهاوى مرة أخرى تحت ظلال عودة ترامب الجارفة.
وعليه ، ومنذ فوز ترامب على هيلاري في 2016، بدأ الأمريكيون يدركون أن الصراع على البيت الأبيض ليس مجرد تنافس أيديولوجي، بل هو صراع بين أزمنة. فترامب يمثل العودة إلى عصر قديم في السياسة الأمريكية، عصر الرجال الذين يرون في "القيادة" امتيازًا خاصًا بهم. وبالتالي هيلاري كلينتون، التي كانت على بعد خطوة من أن تصبح أول رئيسة في تاريخ الولايات المتحدة، شعرت بآثار هذا الفكر التقليدي، واليوم نرى كامالا هاريس وقد كانت تمتلك فرصة كبيرة لتغيير الوضع، لكن ترامب نجح مرة أخرى في تحطيم هذا الحلم. لم تكن هاريس مجرد مرشحة عادية، بل كانت تمثل بحد ذاتها خطوة غير مسبوقة في تاريخ أمريكا، لكن التاريخ، كما يبدو، لم يرد أن يكتب بيد امرأة.
في عالم ما زال يحتفي بالرجال الأقوياء، يبقى البيت الأبيض مكانًا لا يتسع للنساء، حتى وإن كانت هاريس تمثل أكثر من مجرد خيار سياسي. كانت هي "النموذج الجديد"بحسب مناصريها ، إلا أن ترامب لم يمنحها فرصة لتحقيق هذا النموذج. ربما كان بعض الأمريكيين يأملون أن يكون هذا العام هو عام كسر "السقف الزجاجي"، لكن ترامب لا يعترف بوجود سقف، فهو يفضل أن يكون الأعلى، حتى لو كان ذلك يعني تحطيم الحواجز أمام النساء الطامحات إلى القمة.
ربما يأتي يوم يتحقق فيه حلم النساء في أمريكا بتولي منصب الرئاسة، لكن في 2024، ما زال هذا الحلم بعيدًا، والواقع يثبت أن ترامب سيظل الرقم الصعب في هذه المعادلة السياسية. بالنسبة للنساء الأمريكيات، يبدو أن حلم "الرئاسة" سيظل مؤجلًا إلى الانتخابات المقبلة اذا ما ارادت سيدة أخرى " تجربة حظها " حتى ذلك الحين، سيواصل ترامب التأكيد على أن "عرش واشنطن" لا زال ميدانًا للرجال، ويبقى الأمل في التغيير معلقًا إلى إشعار آخر.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-11-2024 02:10 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |