09-11-2024 02:32 PM
بقلم : د. عُريب هاني المومني
باتت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليوميّة، حيث تدخل في كافّة القطاعات سواء الاقتصاديّة أو التعليميّة أو الاجتماعيّة أو الأمنيّة أو الخدمات الحكوميّة. كما يشهد الأردن نموّاً ملحوظاً في استخدام التقنيات التكنولوجيّة والذكاء الاصطناعيّ، وهذا يخلق فرصاً جديدةً لحماية وتعزيز منظومة حقوق الإنسان وبذات الوقت يفرض تحدّيات جديدة على هذه المنظومة.
ويُعدّ الحقّ في تأسيس الأحزاب السياسيّة والانتساب إليها أحد الحقوق في منظومة حقوق الإنسان التي تأثّرت في الثورة التقنيّة. ويُشكّل هذا الحق جزءاً من الحقوق المدنيّة والسياسيّة التي كفلها الدستور الأردنيّ لعام 1952م وتعديلاته، والمواثيق الدوليّة وعلى رأسها الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان والعهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، وكذلك التشريعات الوطنيّة. وقد حظي هذا الحق بأهميّة في الآونة الاخيرة وازدادت النقاشات حوله وذلك تزامناً مع عمليّة التحديث السياسيّ.
إنّ أثر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ على الحق في تأسيس الأحزاب السياسيّة والانتساب إليها يشتمل على جانبين: أحدهما يُشكّل فرصاً لتعزيز هذا الحقّ، والآخر ينطوي على تحدّيات وعقبات.
فاستخدام الوسائل والتقنيات التكنولوجيّة الحديثة مثل منصّات التواصل الاجتماعيّ وتقنيات الذكاء الاصطناعيّ تلعب دوراً هامّاً في عمليّات الاستقطاب السياسيّ والتعبئة السياسيّة وبالأخص لفئة الشباب، إذ تُساهم هذه التقنيات في الوصول إلى عددٍ أكبر من الفئات المستهدفة، ممّا يُمكّنهم من الاطّلاع على أهداف الحزب وبرامجه وسياساته. كما أنّها تُشكّل عماداً في عمليّة التثقيف الرقميّ من خلال تسليط الضوء في الفضاء الرقميّ على قضايا مُعيّنة يعمل عليها الحزب، وهذا ينعكس بشكلٍ إيجابيّ على نشر الثقافة الحزبيّة بين المواطنين، ممّا يُؤثّر على المشاركة السياسيّة الفاعلة بمختلف أشكالها. علاوةً على إمكانيّة الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعيّ عند وضع خطة عمل معينة أو تنفيذ الحزب لأهدافه مثل مرحلة التخطيط للحملات الانتخابيّة.
وعلى الرغم من إيجابيّات التكنولوجيا الحديثة إلا أنّ الفجوة الرقميّة -التي مازلنا نُعاني منها- قد تحرم العديد من المواطنين من التمتّع بإيجابيّات الثورة التقنيّة ومدى إمكانيّة وصولهم إلى المعلومات، واطّلاعهم على برامج الأحزاب وسياساتهم، فالعديد من المناطق في الأردن تفتقر إلى وجود خدمات رقميّة وبنية تحتية أو توجد بها خدمات وبنية تحتية ضعيفة مثل تغطية الشبكة العنكبوتيّة، إلى جانب تدنّي مستوى الدخل للعديد من الأسر ممّا ينعكس على مدى تمتّع الأفراد بمزايا بعض التقنيات التكنولوجيّة. كما أنّ بعض التشريعات أو السياسات قد تُشكّل قيوداً على التقنيات التكنولوجيّة من خلال فلترة المحتوى باستخدام خوارزميّات منصّات التواصل الاجتماعيّ أو حظر وحجب مواقع إلكترونيّة معيّنة ممّا يُؤثّر على مدى وصول الأحزاب السياسيّة إلى المواطنين، إلى جانب إمكانيّة استخدام التقنيات التكنولوجيّة بشكلٍ خاطئ ولأهداف غير نبيلة مثل نشر الشائعات والأخبار المغلوطة، وهذا يستدعي توخّي الدقّة والحذر عند تلقي المعلومات عبر هذه التقنيات.
وعليه فإنّه لا بُدّ من تسليط الضوء وإدراك فوائد وإيجابيّات التحوّلات الرقميّة المتسارعة والعمل على تعزيزها واستثمار الثورة الرقميّة والاستفادة من مزاياها، والعمل على تجاوز التحدّيات والعقبات والتقليل من الآثار السلبيّة التي قد تُواجه الحقّ في تأسيس الأحزاب السياسيّة والانتساب إليها في العصر الرقميّ.
ولعلّ ما قامت به الأحزاب السياسيّة في الأردن قُبيل الانتخابات النيابيّة لمجلس النواب العشرين من خلال تنفيذ حملات انتخابيّة رقميّة، وتفعيل منصّات التواصل الاجتماعيّ لإيصال رسائل معيّنة تتعلّق ببرامج الأحزاب وسياساتهم، والتسويق السياسيّ لشخصيّات معينة، تُعدّ قرينةً على استثمار التكنولوجيا والاستفادة من مزاياها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-11-2024 02:32 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |