12-11-2024 10:08 AM
بقلم : ا. د. عبدالله سرور الزعبي
كمختص في الهندسة الجيوفيزيائية وكأحد أبناء سلطة المصادر الطبيعية سابقاً، ومتابع لمعظم الدراسات المتعلقة بالدراسات الهيدروكربونية والمياه الجوفية والثروات المعدنية، سرني كغيري من ابناء الوطن الاعلان عن الاستكشافات الغازية والبشائر عن احتمالية الاكتشافات النفطية التي تصدر بين الحين والآخر عن وزارة الطاقة والثروة المعدنية.
إن أعمال التنقيب عن النفط والغاز في المملكة مستمرة منذ أكثر من سبعة عقود، ظهرت خلالها الشواهد على احتمالية وجود النفط والغاز في بعض المناطق من المملكة، الا أنه تحققت اول حلقة نجاح لهذه الاعمال في اكتشاف حقل حمزه النفطي الواقع شرق الأزرق عام 1984، والذي ما يزال ينتج النفط بكميات محدودة، بلغت ذروتها بإنتاج ما يقارب 200 برميل من النفط يوميا، إلا أن هذه الكميات متذبذبة بحيث انخفضت في الآونة الاخيرة الى اقل من 2500 برميل شهرياً، تباع الى مصفاة البترول الاردنية، وحيث كانت آخر فاتورة لهذه المبيعات الشهرية حوالي 120,000 دينار، وفي هذه الحالة يصبح اجمالي المبيعات اقل من (1.5) مليون ونصف دينار (تشمل تكاليف الانتاج والنقل وادارة العمليات، وغيرها، ومن هذا المبلغ سيتم تغطية تكاليف اعمال المسح الزلزالي ثلاثي الابعاد لمنطقة الجفر؟ حسب بيان وزارة الطاقة والثروة المعدنية بتاريخ 29/10/2024، بعد توقيع اتفاقية تنفيذ اعمال المسح الزلزالي مع شركة ARGAS بقيمة مالية تزيد على 29 مليون دولار). هذا مع العلم بأن إنتاج الاردن من النفط لعام 2023 ما يقارب 44,000 برميل من النفط (منشور في جريدة الغد تاريخ 26/8/2024) وفي نفس الوقت تقدر احتياجات الاردن من النفط بحوالي 127,000 برميل يومياً. لقد تبع عملية اكتشاف النفط في حقل حمزة اكتشاف الغاز في منطقة الريشة في عام 1987 بالقرب من الحدود العراقية. ومنذ ذلك التاريخ فان اعمال التطوير لحقل الريشة الغازي مستمرة الى ان وصل الانتاج اليومي منه إلى ما يقارب 45 مليون قدم مكعب من الغاز، وحسب خطة شركة البترول الوطنية فيصل الانتاج الى ما يقارب 200 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً في عام 2030. هذا مع العلم بان احتياجات المملكة من الغاز تقدر بحوالي 350 مليون قدم مكعب من الغاز، وبالتالي فإن حقل الريشة يساهم باقل من 15 ℅ من احتياجات المملكة في الوقت الحالي. وهنا لا بد من الاشارة الى ان تنفيذ مثل هذه الخطة يحتاج الى استثمار في اعمال الحفر والبنية التحتية لا تقل عن 100 مليون دينار.
ان الحديث عن اكتشافات نفطية سابقاً لأوانه حيث إن اعمال المسح الزلزالي الاستكشافية في منطقة الجفر لم تبدأ بعد، ومن المتوقع ان تباشر شركة ARGAS مع نهاية هذا العام، وكذلك الشركة الاستثمارية التي وقعت مذكرة تفاهم للعمل في منطقة السرحان وغرب الصفاوي لم تباشر اعمالها ايضاً، كما انه لا يوجد اي جديد فيما يخص منطقة شرق الصفاوي، وكذلك اعمال الحفر في منطقة الازرق لم يتم تقييمها بشكل جيد حتى تاريخه، واعمال الحفر في منطقة السرحان التطورية لم تنته ايضاً.
اما فيما يتعلق بالإعلان عن اكتشاف احتياطي من الغاز يصل الى 9.4 تريليون قدم، فيجب ان تنوقف عنده، لنفهم اولاً عن اي احتياطي نتحدث وعن كيفية العمليات الحسابية لهذه الغاية، خاصة ان الغاز في منطقة الريشة لا يتواجد في تراكيب جيولوجية، بل في قنوات channel، حسب التقارير الجيولوجية، مما يجعل الامر في غاية الصعوبة (على الرغم باننا نثق بقدرة الزملاء العاملين في شركة البترول الوطنية).
ان عملية احتساب الاحتياطي من النفط او الغاز تعتمد على كثير من العوامل، منها المسامية porosity والنفاذية permeability والتشبع saturation وسماكة الطبقة الجيولوجية وامتدادها والمكمن النفطي او الغازي reservoir وغيرها من العوامل الاخرى، والتي يصعب التحكم بها في منطقة الريشة، بسبب تواجد الغاز ليس في تراكيب بل في channels.
اما فيما يخص الاحتياطي لكميات الغاز او النفط ، فهي تقسم الى احتياطيات مؤكدة proven reserve (وهي الاحتياطيات التي اكدتها الدراسات الهندسية بدقة عالية على أنها قابلة للاستخراج من الخزانات المحددة وتصل نسبة الدقة هنا الى ما يقارب 90 ℅) واحتياطي ممكن probable reserves (وهي الاحتياطيات التي تشير الدراسات الهندسية الى احتمال وجودها واستخراجها مع وجود حالة عدم الثقة بالدقة، وفي العادة لا تزيد على 50 ℅ من الكميات التي يمكن استردادها او استخراجها) واحتياطي محتمل possible reserves (وهي الاحتياطيات المقدرة لمنطقة لم يتم احتسابها بشكل جيد لعدم القدرة على التحكم بكافة المعطيات الحسابية وفي هذه الحالة تكون درجة اليقين منخفضة، وفي العادة تكون حوالي 10 ℅ من الكميات الفعلية).
نحن في الاردن سنكون سعداء جداً اذا كان الاعلان الصادر من قبل وزارة الطاقة يتحدث عن الاحتياطي المؤكد proven reserve ؟ لان في مثل هذه الحالة نستطيع القول بان الحلقة الاولى للرؤية الاقتصادية للدولة الاردنية تكون قد تحققت. الا اننا نتوجه بالنداء لشركة البترول الوطنية للاعلان عن اي نوع من الاحتياطيات يجري الحديث وان تكشف التفاصيل بشكل دقيق كونها صاحبة الامتياز في منطقة الريشة، ولكي يطمئن المواطنين الذي اصبح معظم حديثهم يدور حول الاعلان الاخير لوزارة الطاقة والثروة المعدنية، مستذكرين الحديث عن الذهب الذي يعلن عنه بين الفينة والاخرى منذ عقدين من الزمن وخامات اليورانيوم والكعكة الصفراء وغيرها.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-11-2024 10:08 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |