13-11-2024 08:38 PM
سرايا - من الآباء من يحيطون أطفالهم بالرعاية والحماية بشكل مبالغ فيه، لدرجة أنه إذا تعرض الأطفال لحادث بسيط، يطلق الآباء العنان لردة فعل أعظمية تضع أطفالهم في جو من الرعب والقلق، وتخلق لديهم إحساسًا بأن ما حصل - رغم بساطته - هو أمرٌ جَلل.
وبحسب خبراء علم النفس والسلوك، فإن ما يشيرون إليه بـ"الحماية المفرطة"، لا تعطي الطفل مساحة للتصرف أو التحدث بما يتناسب مع عمره وقدراته، وتتضمن تدخلاً مستمرًا في حياته وقراراته اليومية.
ما يخلق طفلاً اتكاليًا، غير قادر على مواجهة أبسط المواقف، ويجعله إما خاضعًا ضعيف الشخصية، ويخاف من كل ما يحيط به، أو يحوله إلى طفل عدواني عنيف يخطط لارتكاب المشاكل وإيذاء أطفال آخرين بالاستعانة بمن حوله، وفي كلتا الحالتين هو أبعد ما يكون عن الاستقلالية، والثقة بالنفس.
وفي المقابل يوضح الخبراء أن هناك طرقًا طبيعية وبسيطة تخلق أطفالاً واثقين بأنفسهم، مستقلين، ويتمتعون بقدر من الشجاعة لمواجهة أعقد المواقف الحياتية المرتبطة بمرحلتهم العمرية، وربما يتجاوزونها.
من أهم تلك الطرق المشاركة في "الألعاب الخطرة"، والتي توفر للأطفال فرصًا هائلة للتعلم، وتحسين المهارات الحركية الإجمالية، واستخدام مهارات التخطيط الحركي والتسلسل لتنفيذ الحركات المعقدة، والتفكير في العواقب كجزء من تقييم المخاطر، وتحسين المهارات البصرية المكانية.
وهذه بحسب الخبراء، غالبًا ما تنطوي على التعاون مع الأقران، وتوفير فرص لتجربة المشاعر، مثل: النشوة، والفرح، والإثارة، والخوف، والقلق، والفخر. وتفضي إلى زيادة الثقة في قدراتهم، وتعزيز عقلية النمو.
وفي السياق ذاته كشفت الكاتبة البريطانية، هيلين راسل، في مقال لها عن تجربتها في أطفالها، حيث قررت التخلي عن طريقتها المعتادة في حمايتهم، والحرص الزائد عليهم، منذ انتقالها للعيش في الدنمارك، حيث يتمتع الأطفال بحرية أكبر في الخطر.
وأشارت "راسل" إلى أن الأطفال هناك، بمن فيهم أطفالها، يعودون بانتظام إلى المنزل مع جروح وخدوش، حتى أنها أصبحت زائرة معتادة لأقسام الطوارئ.
ومن ضمن التقاليد الدنماركية التي أثارت دهشتها، مشاركتهم في نشاطات رياضية مثل "الكشافة العائلية"، والتي تتيح للأطفال استخدام المناشير والفؤوس وحتى اللعب بالنار تحت إشراف الأهل.
أخبار ذات علاقة
يقول الباحثون في الدول الإسكندنافية إن لعب الأطفال الذي ينطوي على بعض الخطر، يعزز النمو، ويقوي مناعتهم النفسية، مشيرين إلى أن مثل هذه التجارب تُزيد من قدرتهم على التكيف مع المخاطر في المستقبل.
وأوضحت اختصاصية اللعب، البروفيسورة إلين بيت هانسن ساندستر من جامعة الملكة مود في النرويج، أن اللعب المحفوف بالمخاطر يمكن أن يحمي الأطفال من تطور المخاوف لاحقًا، مشيرةً إلى أن الأطفال الذين يخوضون تجارب كهذه يميلون لأن يكونوا أكثر ثقة بالنفس، وأقل عرضة للرهبة من المرتفعات.
كما صرّح العالم المعرفي مارك مالمدورف أندرسن من جامعة آرهوس في الدنمارك أن "الدماغ يسعى إلى تعزيز شعوره بالأمان من خلال استكشاف الأمور غير المؤكدة"، موضحًا أن اللعب المحفوف بالمخاطر هو وسيلة فعّالة للأطفال لفهم العالم.
وأشار إلى أن الأطفال بطبيعتهم يسعون للفضول، متسائلين، "هل النار ساخنة؟"، "ماذا يحدث إذا قفزتُ عن هذا الجذع؟".
وتعزز الدراسات الفكرة بأن الألعاب العنيفة، كالقتال الوهمي، تساهم في تطوير مهارات التعاون، وتعزيز الثقة، واتخاذ القرارات السليمة. ويُعد هذا النوع من اللعب الأكثر شيوعًا، رغم أن الأهل والمدرسين، غالبًا، ما يمنعونه، خاصة في بعض المدارس الأمريكية التي تتبنى سياسة "عدم التسامح".
وتضيف راسل أن "المصارعة بأسلوب "WWE" أصبحت جزءًا من روتين تربيتي، وبدأت أتعلم حبها بشكل غريب". وتنصح بضرورة إجراء "تقييم للمخاطر والفوائد" بدلاً من التركيز على المخاطر فقط.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-11-2024 08:38 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |