17-11-2024 08:37 AM
بقلم : أ.د. اخليف الطراونة
هل المطلوب ممن تحتل أرضهم ويشردون في أصقاع الدنيا عقوداً مديدة وسنوات طويلة، يلتحفون الأرض ويفترشون السماء، ويؤتى بشعب آخر لا علاقة له بهذه الأرض الأقرب إلى السماء: هل المطلوب منهم بعد ذلك كله الاستكانة والاستسلام لهذا المحتل الطاغي الظالم الذي لا يمتلك من الحجة إلا منطق القوة والمأفون بحجج دينية واهية؟
التاريخ حافل بانتصار الضعفاء على الأقوياء رغم انعدام التوازن لصالح الأقوياء انتصار كُسر فيه أنف هذا الظالم وتحجيمه حتى غدت هزيمته وكأنها خارج تصور العقل البشري، رغم جسامة التضحيات وفداحتها.
أوليس رب العزة يقول:
«وما النصر إلا من عند الله» صدق الله العظيم
أو ليس عدم قدرة القوي على هزيمة الضعيف هي هزيمة بحدّ ذاتها؟!
تستحضرني في هذا المقام مقارنتان أو مقاربتان، هما معركة مؤتة التاريخية (٦٢٩م) وطوفان الأقصى (٢٠٢٣).
فمعركة مؤتة الخالدة وقعت في منطقة مؤتة–الكرك بالأردن
وجاءت المعركة رداً على قتل الحارث بن عمير الأزدي رسول النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الذي جهز جيشاً من ثلاثة آلاف مقاتل لمواجهة جيش الإمبراطورية البيزنطية الذي تجاوز عدده عشرات الآلاف.
الفارق واضح في العدد والعدة.
تقابل فيها الجيشان وقتل من المسلمين قادة عظام على رأسهم زيد بن حارثة؛ وجعفر بن أبي طالب؛ وعبدالله بن أبي رواحة.
الرسالة المستخلصة من هذه المواجهة هي رسالة القوة المتمثلة في القدرة على الوقوف في وجه المعتدي الظالم رغم قلة العدد.
أما المعركة الأخرى؛ فهي «طوفان الأقصى (٢٠٢٣)» التي ما زال الظالم المعتدي يمارس إجرامه الذي لا يتخيله العقل الإنساني دون رادع ولا وازع من دين أو ضمير أو أخلاق، معركة يتفوق فيها المحتل تكنولوجياً وعسكرياً. لكن المقاومة الفلسطينية المسلحة امتلكت إرادة الصمود والتصدي والبسالة، وإثبات القدرة على توجيه الضربات المؤلمة، وخلق معادلات ردع جديدة.
نقاط التشابه في المقاربتين هي الدفاع عن الحق والذود عن الأرض رغم عدم التكافؤ في العدد والعدة بين الطرفين المتقاتلين، مع امتلاك الطرف الأضعف روح التضحية والشجاعة والثبات والصمود أمام عدو غاشم يمتلك القوة.
أختم بالقول: مَنْ اغتر بقوته وظلم؛ لا بِدّ من أن يهزم ويهلك طال الزمن أو قصر.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-11-2024 08:37 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |