19-11-2024 11:02 AM
بقلم : فيصل تايه
حين تبدأ رحلة انهيار المنظومات الاجتماعية نتيجة انهيار الأخلاقيات وموت القيم تسقط منظومة القوانين أمام شراسة الانتهازية السلوكية ونرجسية الأقوياء ، وتصبح بديلا لقوانين الحياة المنظمة للعلاقات البشرية، وتلك ظواهر تاريخية تسود حين يسود قانون الغاب كمنظم للعلاقات الإنسانية..!
على مختلف الجوانب الحضارية فان ظواهر التطورات البشرية مهما كانت هذه التطورات متقدمة وتجسد إرادة وقدرة الإنسان في امتلاك أدوات التقدم والتطور والعلوم المعرفية وكل ما يؤهله للارتقاء بوجوده فوق الأرض وتحت الشمس، فإن كل هذه الظواهر العلمية التي توصل لها الإنسان قد تكون أحد مسببات دماره إن لم تكن محكومة بمنظومة أخلاقية وخاضعة للقوانين المنظمة للعلاقات الإنسانية..
ان مثل تلك الظواهر " وكما يفسرها علماء علم الاجتماع" بأنها تشكل بداية لأركسة الحياة البشرية، والأركسة البشرية تعني أفول مرحلة تاريخية وبداية أخرى، ويمكن تسمية هذه المرحلة التاريخية بمرحلة انتقالية أو مرحلة تحول تاريخي، تغيب خلالها قوى وتصعد أخرى على أنقاضها، وفي هذه المرحلة تزداد شراسة وانحطاط القوى المتجهة نحو الأفول والتي تحاول فرض وجودها والتمسك بديمومة بقائها وتستخدم في سبيل ذلك كل الوسائل غير المشروعة من غطرسة السلوك ووحشية الأفعال، وتوغل في إجرامها دون تردد في سبيل الحفاظ على بقائها وهيمنتها على بقية المنظومة، فيما الطرف الآخر المرشح ليكون بديلا عنها يتحرك بسلاسة وحذر وبخطوات محسوبة لأنه يدرك ما يمكن وصفه بحالة (سعار) التي يعاني منها الطرف المتجه نحو الأفول والذي قد يتخذ في لحظة ما قراراً انتحارياً على طريقة (شمشون)..!
اليوم يعيش العالم هذه المرحلة التاريخية التي لم تشفع فيها التحولات الإنسانية الهائلة، كما لم تشفع فيها الثورة التقنية وثورة الاتصالات وكل ما توصل إليه العقل البشري من مظاهر التقدم والتطورات الحضارية، التي سقطت بكل ابعادها العلمية والمعرفية والخدمية، وبدورها ورسالتها الحضارية في مستنقع السلوكيات الانتهازية ونرجسية القوة وأصبحت جزءا من شريعة الغاب السائدة..!
في اعتقادي ان كل هذه العلوم المعرفية التي توصل لها الإنسان تحولت من أداة لخدمة هذا الإنسان ورفاهيته إلى (حراب مسمومة) تنهش في جسد العالم تحاول من خلالها قوى الغطرسة أن تفرض خياراتها وقوانينها بمعزل عن رغبة وإرادة الغالبية البشرية التي قضت ردحا من الزمن تعاني من هيمنة قانون الغاب ونرجسية وغرور (السوبر باور) الذي يعتمد على تفوقه المادي ليجعل من نفسه ( إلها) يُعبد على الأرض ويرى بل يؤمن أن من حقه وحده تصنيف البشر وتحديد هوياتهم بل وتشكيل قناعتهم الوطنية والقومية والدينية وحتى الاجتماعية بعاداتها وتقاليدها، ويؤمن إنه بهذا السلوك يخدم البشرية، ويأتي هذا الاعتقاد من الثقافة والقيم المادية التي تشكل هوية وقناعات وثقافة هذا (السوبر باور) الذي يستند على كل ما هو مادي ويفتقد كليا لكل ما هو (روحي) وكل ما هو حضاري وتاريخي مؤمنا بأن القوة فوق الحق، وأن القيم الحضارية مسألة نسبية وأن المادة بكل ظواهرها هي مصدر القيم وعنوان التحولات والتقدم البشري.!
في مجمل التطورات العالمية سيبقى (السوبر باور) يحط ثقله علينا من اجل الحفاظ على التوزنات التي تفرضها التحولات المتسارعة ولاننا مصدراً لصموده والأهم أننا بمثابة (بقرة حلوب) ، لذلك فهو ياول بكل قوته الإبقاء على هيمنته مهما كان الثمن المطلوب ولو تكلف إبادة من اراد من سكان العالم لا يهم ، لذلك فهو يحاول فرض هيمنته على منطقتنا حيث الثروة والمواد الخام والحليف المطاوع الذي يتبع بدون سؤال وينفذ بدون نقاش وهؤلاء هم مصدر بقائه في مواجهة الزحف الصيني والتطلع الروسي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-11-2024 11:02 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |