حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,26 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2678

كيف يواجه القطاع العام تحديات التوظيف والعدالة الاجتماعية؟

كيف يواجه القطاع العام تحديات التوظيف والعدالة الاجتماعية؟

كيف يواجه القطاع العام تحديات التوظيف والعدالة الاجتماعية؟

25-11-2024 08:16 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. ليث عبدالله القهيوي
يواجه القطاع العام في الأردن تحديات كبيرة في تحقيق التوازن بين توفير فرص عمل عادلة ومتساوية لجميع المواطنين، وبين ضمان الكفاءة والشفافية في عمليات التوظيف. على مدى سنوات عديدة، تراكمت فجوات إدارية أثرت سلباً على كفاءة القطاع العام في التعامل مع متطلبات السوق المتغيرة، مما استدعى تطوير سياسات جديدة تهدف إلى تحديث الإدارة وتحقيق العدالة الاجتماعية كهدف استراتيجي. هذه الفجوات، التي نشأت بسبب التحديات الهيكلية والتغييرات المتسارعة في البيئة الاقتصادية والاجتماعية، تحتاج إلى معالجة جذرية لضمان تحقيق توازن مستدام بين تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الإنتاجية.


أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها القطاع العام هو التركيز على العمر كمعيار أساسي عند استقطاب الموظفين الجدد بدلاً من التركيز على اختبارات الكفاءة والمهارات، هذا التركيز على العمر يقلل من تنوع الكفاءات التي يمكن أن يستفيد منها القطاع، حيث يتم تفضيل الفئات الشابة فقط دون الأخذ بعين الاعتبار الخبرات المتراكمة لدى الفئات الأكبر سناً، هذه السياسة قد تؤدي إلى تراجع جودة الكوادر البشرية وتقليل فرص الاستفادة من تنوع الخبرات التي يمكن أن تضيف قيمة للمؤسسات الحكومية، ومن أجل مواجهة هذه التحديات، يجب على القطاع العام تبني سياسات تضمن التنوع والتكامل بين الأجيال، حيث يمكن للخريجين الشباب أن يستفيدوا من توجيه الخبرات الكبيرة، بينما يمكن للفئات الأكبر سناً اكتساب أفكار جديدة من الجيل الصاعد. إدارة التنويع في الخبرات والكفاءات ضرورة ملحة لتحسين جودة التوظيف وإثراء القطاع العام بعقول من خلفيات وخبرات متنوعة، وهذا يتطلب العمل على تطوير نظام شامل يستند إلى معايير الكفاءة بدلاً من الاعتماد المفرط على معايير العمر.
توقف ديوان الخدمة المدنية عن استقبال طلبات التوظيف لأكثر من عامين كان له تأثير سلبي على القوى العاملة، وخاصة الفئات المولودة قبل عام 2001، هذا التوقف أدى إلى خلق فجوة زمنية في توظيف الأجيال الجديدة، مما أسفر عن زيادة الطلب على الوظائف وقلة الفرص المتاحة، وبالتالي زيادة نسبة البطالة بين الشباب. ان التوقف عن التوظيف أدى إلى ضغوط متزايدة على سوق العمل وإلى شعور بعدم اليقين بين الفئات الشابة الباحثة عن العمل. هذه الفجوة الزمنية لم تؤثر فقط على الأفراد الذين كانوا في سن التوظيف خلال تلك الفترة، بل أيضاً على الاقتصاد الوطني بشكل عام، حيث تراجعت فرص تطوير القوى العاملة وتعزيز المهارات اللازمة لمواكبة احتياجات السوق. ان السياسات الجديدة الهادفة إلى سد هذه الفجوة تتطلب جهوداً مستمرة لضمان تلبية احتياجات السوق وتوفير فرص متكافئة لجميع الباحثين عن العمل، ويتطلب ذلك توفير برامج تدريبية مكثفة لتعويض الفجوة المهارية التي نشأت بسبب توقف التوظيف، بالإضافة إلى إطلاق مبادرات تعزز من فرص ريادة الأعمال كبديل للوظائف التقليدية.
تحقيق العدالة الاجتماعية يُعد هدفاً استراتيجياً لتحديث القطاع العام في الأردن، وهذا يتطلب الاهتمام بتوظيف الفئات الأقل حظاً لدعم النسيج الاجتماعي وتعزيز قيم المساواة والتنوع، ويجب أن يتم التركيز على تعزيز الشمولية في سوق العمل من خلال تقديم دعم موجه للفئات الضعيفة والمهمشة، وضمان وصولها إلى الفرص الوظيفية بشكل عادل، ويُعتبر التنوع في بيئة العمل عنصراً أساسياً لتعزيز الإبداع والابتكار المؤسسي، حيث يساهم تعدد الخبرات والخلفيات في توسيع نطاق الحلول الممكنة للتحديات التي تواجه المؤسسات. المؤسسات التي تعتمد على تنوع قواها العاملة غالباً ما تكون أكثر مرونة واستجابة للتغيرات، مما يمكنها من مواجهة التحديات بطرق مبتكرة وفعالة. لذا فإن تحقيق التنوع لا يقتصر على زيادة عدد الفئات المختلفة في بيئة العمل، بل يتطلب أيضاً خلق بيئة داعمة تعزز من التفاعل الإيجابي وتوفر فرص التطور المهني للجميع.
ان إطلاق استراتيجية الموارد البشرية في الخدمة المدنية للأعوام 2023 - 2027 يُعد خطوة محورية لدعم خريطة تحديث القطاع العام، تركز هذه الاستراتيجية على تطوير العنصر البشري من خلال توفير بيئة تمكن الموظفين من العمل بكفاءة، مع التركيز على الجدارة والاستحقاق في عمليات التعيين، والهدف الرئيسي من هذه الاستراتيجية هو بناء منظومة موارد بشرية مرنة وقادرة على مواكبة التطورات المتسارعة في بيئة العمل، وذلك من خلال تطوير آليات تدريب مستمرة وتقييم دوري يضمن تحديد الاحتياجات الحقيقية للموظفين وتقديم الدعم المناسب لهم. التغيير الذي تمثل في إلغاء ديوان الخدمة المدنية وتأسيس هيئة للخدمة والإدارة العامة مطلع عام 2024 يعكس رغبة حقيقية في تعزيز اللامركزية في التعيين، مما يمنح الوزارات حرية أكبر في تعيين موظفيها وفقاً لمعايير الحوكمة والكفاءة، هذا التغيير يتطلب من الوزارات العمل على تطوير قدراتها الداخلية لإدارة الموارد البشرية بشكل فعال، وضمان تطبيق معايير الشفافية والمساءلة في عمليات التوظيف.
لضمان نجاح هذه الجهود في تحديث القطاع العام، من الضروري تعاون جميع الأطراف المعنية، سواء كانت حكومية أو مجتمعية، ان التركيز على سد الفجوات الإدارية المتراكمة، وإدارة التنوع في الخبرات والكفاءات، يعد أمراً ضرورياً لتحسين جودة التوظيف وضمان تحقيق قطاع عام حديث وشامل، إن تنفيذ هذه الإصلاحات يحتاج إلى التزام طويل الأمد من جميع الأطراف، بالإضافة إلى ضرورة تطوير نظام متابعة وتقييم لضمان قياس مدى تحقيق الأهداف المحددة، مثل هذا التعاون سيساهم في تعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة في فرص العمل، ويضمن توظيفاً عادلاً يعكس التنوع داخل المجتمع الأردني، مما يعزز من قدرات المؤسسات على الابتكار والتكيف مع التحديات المستقبلية، إن تحقيق قطاع عام حديث يتطلب أيضاً التركيز على تطوير بيئة عمل محفزة، وتوفير الحوافز المناسبة التي تشجع على الأداء العالي وتحفز الابتكار، مما يعزز من مكانة القطاع العام كمحرك للتنمية الشاملة والمستدامة.











طباعة
  • المشاهدات: 2678
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
25-11-2024 08:16 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم