26-11-2024 03:08 PM
سرايا - قصة القاضي والحكيم العجوز ..
في قديم الزمان، كان هناك قاضٍ مشهور بعدله وحنكته يعيش في مدينة كبيرة. كان الناس يثقون به ثقة عمياء، لكنّه كان يعاني من عيبٍ واحد: حبه للمال. لم يكن يأخذ الرشوة بشكلٍ مباشر، لكنه كان يُفضل دائماً من يهديه الهدايا الثمينة قبل أن يحكم في قضيته.
في نفس المدينة، كان هناك حكيمٌ عجوز عُرف بذكائه وحكمته الفريدة. وكان هذا الحكيم يعيش حياة بسيطة، لكنه كان محبوباً من الجميع لأنه دائمًا ما يقدم النصح للناس ويحل مشاكلهم دون مقابل.
ذات يوم، حدث خلاف كبير بين اثنين من التجار الأغنياء. التاجر الأول كان يمتلك ثروة طائلة ومكانة مرموقة، بينما التاجر الثاني كان فقيراً لكنه صاحب حق في القضية. لجأ الاثنان إلى القاضي ليحكم بينهما، وكلٌ منهما يحمل أدلته وشهوده.
وقبل أن تبدأ الجلسة، أرسل التاجر الغني هدية ثمينة إلى القاضي: صندوقًا من الذهب والجواهر. كان التاجر يعرف أن القاضي لن يرفض هدية مثل هذه، وبالفعل قَبِل القاضي الهدية وأبدى تعاطفاً واضحاً مع التاجر الغني في بداية الجلسة.
عندما علم التاجر الفقير بما حدث، شعر باليأس، لكنه قرر اللجوء إلى الحكيم العجوز لطلب المشورة. استمع الحكيم إلى القصة وقال للتاجر الفقير:
"لا تقلق، سأحضر معك إلى الجلسة القادمة، وسأجعل القاضي ينطق بالحق دون أن يدري."
في اليوم التالي، حضر الحكيم العجوز مع التاجر الفقير إلى المحكمة. عندما رأى القاضي الحكيم، احترمه وسمح له بالجلوس في الصفوف الأمامية. وقبل أن تبدأ الجلسة، قام الحكيم بتقديم هدية صغيرة للقاضي، كانت عبارة عن كتاب قديم مغلف بورق عادي.
تفاجأ القاضي وقال:
"ما هذا يا حكيم؟"
رد الحكيم بابتسامة:
"هذا كتاب نادر عن أسرار العدالة والإنصاف. أعتقد أنك ستستفيد منه."
شعر القاضي بالخجل من الهدية البسيطة لكنه أخذها. وعندما فتح الكتاب، وجد داخله رسالة مكتوبة بخط أنيق تقول:
"إن كنت ستبيع عدالتك، فتأكد أن الثمن يستحق خسارة ضميرك."
ارتبك القاضي عندما قرأ الرسالة، وبدأ يشعر بالذنب. قرر أن يُعيد النظر في القضية بحيادية هذه المرة. طلب من الطرفين تقديم أدلتهم، وبعد سماع الحجج والشهود، تبين أن التاجر الفقير كان صاحب الحق.
في نهاية الجلسة، حكم القاضي لصالح التاجر الفقير، مما أثار دهشة الجميع، خاصة التاجر الغني الذي كان واثقاً من انتصاره. بعد انتهاء الجلسة، ذهب القاضي إلى الحكيم العجوز وسأله:
"كيف عرفت أنني بحاجة إلى تلك الرسالة؟"
ابتسم الحكيم وقال:
"العدالة لا تحتاج إلى الذهب لتُشترى، لكنها تحتاج إلى ضمير حي ليُحييها. أردت فقط أن أذكرك بذلك."
منذ ذلك اليوم، تغير القاضي وأصبح يُعرف بعدله الحقيقي، وتعلم أن الحكم بالحق هو الهدية الأثمن التي يمكن أن يقدمها للناس
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-11-2024 03:08 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |