بقلم : د. هبة أبو عيادة
في عالمٍ يشهد تغيرات متسارعة ومتشابكة، أصبح الاستشراف الاستراتيجي ضرورة ملحة للمؤسسات والشركات والأفراد على حد سواء. فالتخطيط للمستقبل لم يعد مجرد تخمين، بل هو عملية منهجية تعتمد على أسس علمية وأدوات تحليلية متطورة. يتيح الاستشراف الاستراتيجي للمؤسسات رؤية أوسع وأعمق للمستقبل، مما يساعدها على اتخاذ قرارات استباقية وفعالة.

وبداية لا بد أن نتفق عزيزي القارئ على مفهوم الاستشراف الاستراتيجي إذ يعرف بأنه عملية منهجية لدراسة وتقييم الاتجاهات المستقبلية، وتحديد الفرص والتهديدات المحتملة، وبناء سيناريوهات مستقبلية متعددة. يهدف الاستشراف الاستراتيجي إلى مساعدة المؤسسات على التكيف مع التغيرات المستقبلية، وتحقيق أهدافها الاستراتيجية على المدى الطويل.

وتعتبر المؤسسات تطبيق الاستشراف الاستراتيجي أولوية؛ لأهميته في التكيف مع التغيير: يساعد الاستشراف الاستراتيجي المؤسسات على التكيف مع التغيرات السريعة والمتسارعة في البيئة الخارجية، مثل التغيرات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وتحديد الفرص: يكشف الاستشراف الاستراتيجي عن الفرص الجديدة التي يمكن للمؤسسات استغلالها لتحقيق النمو والتوسع. وتجنب المخاطر: يساعد الاستشراف الاستراتيجي المؤسسات على تحديد المخاطر المحتملة وتطوير استراتيجيات للحد من تأثيرها. وتحسين اتخاذ القرارات: يوفر الاستشراف الاسترات?جي للمؤسسات معلومات دقيقة وشاملة تساعدها على اتخاذ قرارات استراتيجية أكثر فعالية. وبناء مستقبل مستدام: يساهم الاستشراف الاستراتيجي في بناء مستقبل مستدام للمؤسسات والمجتمعات.

ولا بد لكل قائد مؤسسة أو مدير أن يتبع خطوات متتالية ضمن مراحل عملية الاستشراف الاستراتيجي تبدأ بتحديد الأهداف والمقصودبه الأهداف العامة المستقبلية التي تسعى المؤسسة إلى تحقيقها. تليها عملية تحليل البيئة الداخلية والخارجية للمؤسسة، وتحديد العوامل المؤثرة على مستقبلها. وبناء على تحليل البيئة يتم تقدير الحاجات وترتيب الأولويات وبناء سيناريوهات مستقبلية متعددة، تغطي مجموعة واسعة من الاحتمالات.وتقييم كل السيناريوهات من حيث احتماليته وتأثيره على المؤسسةوصياغة استراتيجيات بديلة لكل سيناريو. نع ضرورة المتابعة الم?تمرة للتطورات المستقبلية وتقييم مدى صحة السيناريوهات وفعالية الاستراتيجيات المتبعة.

ولضمان النجاح في التطبيق لا بد من استخدام أدوات الاستشراف الاستراتيجي المناسبة مثل تحليل الاتجاهات: دراسة الاتجاهات الحالية في مختلف المجالات، مثل التكنولوجيا والاقتصاد والمجتمع.وتحليل السيناريوهات: بناء سيناريوهات مستقبلية متعددة، وتقييم آثارها المحتملة.ودراسات الحالة: دراسة حالات شركات ومؤسسات أخرى نجحت في التكيف مع التغيير. وأبحاث السوق:جمع المعلومات عن السوق المستهدف واحتياجات العملاء. وأدوات التحليل الكمي والنوعي: استخدام الأدوات الإحصائية وأساليب التحليل النوعي لتحليل البيانات.

إنتطبيق الاستشراف الاستراتيجي ليس حصرًا علىمجال أو تخصص معين بل يمكن تطبيقها في مختلف المجالات، مثل: مجال الأعمال: تطوير استراتيجيات تسويقية جديدة، دخول أسواق جديدة، تطوير منتجات وخدمات جديدة. وفي الحكومة: تطوير السياسات العامة، إدارة الأزمات، بناء المدن الذكية. وكذلك القطاع غير الربحي: تطوير البرامج والمبادرات، جمع التبرعات، بناء الشراكات.

قد يواجه تطبيقالاستشراف الاستراتيجي بعض التحديات والمعيقات مثل الغموض والتعقيد: المستقبل يحمل الكثير من الغموض والتعقيد، مما يجعل عملية الاستشراف صعبة. وكذلك السرعة والتغيير المستمر: تتغير البيئة بسرعة كبيرة، مما يتطلب تحديث الاستراتيجيات بشكل مستمر. ونقص البيانات: قد يكون الحصول على البيانات الكافية والدقيقة تحديًا كبيرًا. والمقاومة للتغيير: قد يواجه الاستشراف الاستراتيجي مقاومة من قبل بعض الأفراد والمؤسسات.

ختامًا إن الاستشراف الاستراتيجي هو أداة قوية تساعد المؤسسات على بناء مستقبل أفضل. من خلال فهم التغيرات المستقبلية وتطوير استراتيجيات مرنة، يمكن للمؤسسات تحقيق النجاح على المدى الطويل. ومع ذلك، يتطلب الاستشراف الاستراتيجي التزامًا قويًا من قبل القيادة والتعاون بين مختلف الأقسام في المؤسسة.

الراي