02-12-2024 10:27 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
وصفي التل، صاحب سيرة حية منذ أكثر من خمسة عقود، وبقي في ذهنية الأردنيين رمزا جامعا.
فهو رحمه الله، رفيق المغفور له الملك الحسين بن طلال، في سنوات صعبة، وكان مؤمنا بأن هذا البلد بعرشه الهاشمي، وبمؤسساته الدستورية، وعزيمة المخلصين وجد ليبقى..
وتشكل وصفي التل أيضاً، كرمزٍ جامع للبطل المنشود، الذي دفع حياته ثمناً ليحيا الأردن بعد مخاض صعبٍ عاشته البلد، بين النكسة عام 1967 وأحداث أيلول، فتشكلت بداية جديدة عنوانها وصفي بدمائه، وكتبت الرواية بعدها، وهنا وصفي البطل.
وجاء وصفي التل الرمز في وجدان الأردنيين كحالة تعبر عن مقدرة الأوفياء للأردن، وإيمانهم بشرعيته ومشروعيته وكيفية الدفاع عنه، وهنا وصفي الوفي بأسمى معانيه.
على مدار سنوات.. حاول كثير من الساسة الأردنيين النسج على منوال وصفي ومدرسته السياسية في الحكم، التي بنيت على مداميك مفردة أن «الغاية هي الوطن» والدفاع عن الفقراء، وتحقيق أحلامهم، وهنا وصفي السياسي.
كما ما زال في ذهنية الأردنيين، وصفي المرتبط بالأرض ونصير المزارعين، فكان وصفي إبن الأرض الأردنية المعطاءة، وهنا وصفي المزارع.
سيرة زخمة عززتها تنشئة وصفي التل، حيث والده شاعر الأردن «عرار».. فبقيت المفردات حية، عاشت وسكنت وجدان الأردنيين، وتعاظمت مع تقادم الزمان.
المفارقة، أن سيرة وصفي التل لليوم لم تحظى بالدراسة الأكاديمية التي تستحق، إذ بقيت الحكايات معه وعنه سائرة بين الناس، ولم يضطلع أي من مؤرخينا بسبر أغوارها.
وهذا الغياب أوجد حالة في الأردن لا تقف عند حدود التقصير الأكاديمي، بل إنه أوجد حالة غياب للمدرسة السياسية.
فدول العالم تحتفي بالرموز حتى تكرس مدارسهم السياسية ومفرداتهم، وليكون النشء جاهزاً سياسياً على أسس لها تاريخها الصلب، فالآف الوثائق لحكومات وصفي لم تصل إليها أيادي الباحثين بعد.
كما أن الأرشيفات العربية تحتوي شيئاً عن سيرة وصفي المتشابكة بدءاً من شمال العراق طفلاً مروراً بفلسطين جندي محارب على أرضها ثم سياسي وجندي معتقل في سوريا ليتبعها إعلامي في وطنه فسفيراً في العراق حتى استشهاده بمصر.
فوصفي بين الرمز والحاجة إلى الرمز ما زال بحاجة إلى جهود لتوثيق إرثه، حتى لا تبقى سيرة رومانسية نستحضرها في مناسبات معينة فقط.
وسيرة وصفي شاهدة على المسافة الكبيرة بين وجدان الأردنيين وقصور بعض المؤرخين وخاصة بعض الأكاديميين منهم!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-12-2024 10:27 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |