02-12-2024 10:32 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
قدّم رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بيانه الوزاري الذي يطلب على أساسه نيل ثقة مجلس النواب العشرين في تكوينه وتركيبته الحديثة، وفي ظروف بالغة الدقة يمر بها الأردن، تبعا للتطورات التي تشهدها المنطقة، وحالة اللايقين التي تسود العالم في جميع شؤونه وأحواله وأبعادة القريبة والبعيدة، وكذلك في لحظة مهمة جداً بالنسبة للأردن الذي يدرك الحاجة إلى تحصين نفسه بما يكفي من العناصر التي تضمن أمنه واستقراره ومصالحه العليا.
كأي بيان وزاري يحتوي في العادة على برنامج عمل الحكومة للسنوات المقبلة، ضمن الأولويات والمشروعات التي تعمل عليها الوزارات، ومعظمها عابرة للحكومات، إلا أن البيان في حد ذاته يظل مرجعية يمكن لمجلس النواب الاستناد عليه في الرقابة على الحكومة وفقاً للتعهدات التي التزمت بها، والتي تكون واضحة ومحددة ومشاراً إليها أحيانا بجملة (تلتزم حكومتي) أو ما يشبه ذلك من إشارات إلى أهداف لا مفر من ذكرها، ويستطيع النائب متابعة سير العمل بشأنها، وقياس مستوى الأداء في تنفيذها بناء على ورودها في البيان.
يأتي الدور على مناقشة ذلك البيان حيث تقدم الكتل النيابية مضافاً إليها هذه المرة الكتل الحزبية موقفها من الحكومة وبيانها تمهيداً للتصويت على الثقة، ويمكن من خلال كلمات النواب معرفة التوجهات العامة للمجلس، ونوعية ومستوى العلاقة التي ستنشأ بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على مدى أربع سنوات من العمل المشترك في مجالات التشريع والرقابة والنقاش العام حول القضايا المستجدة وغيرها، وفي مرحلة تالية وقريبة ستختبر العلاقة من جديد عند مناقشة الموازنة العامة للدولة، حيث يركز معظم المتحدثين على مشكلات قواعدهم الانتخابية ومطالبها في تحسين نوعية الحياة بصفة عامة.
ما الجديد هذه المرة في ضوء برلمان ذي طابع حزبي إلى حد بعيد؟ والأجوبة على هذا السؤال كثيرة ومتنوعة ومشروعة أيضا لأن القاعدة التي تم بناؤها وفقاً لعملية التحديث السياسي وقانوني الانتخاب والأحزاب تقوم على مبدأ الأحزاب البرامجية التي يفترض أن تضع إستراتيجية واضحة المعالم تتضمن رؤيتها لكيفية النهوض بالقطاعات المختلفة، بالاستناد إلى معرفة دقيقة بالبيانات والحقائق على الأرض، وتشمل غايات وأهدافاً يحددها الحزب كما لو كان هو الحكومة أي ما يعرف (بحكومة الظل) بحيث تجرى الرقابة والمحاسبة على أساس خطة مقابل خطة، ومشروع مقابل مشروع، مع التوافق على الثوابت المرتبطة بنهج الدولة ومشروعاتها العابرة للحكومات كما هو الحال بالنسبة للرؤية الاقتصادية والتطوير الإداري بحيث ينصب النقاش حول مستوى ومراحل التنفيذ وليس على التوجه نفسه.
وفي رأيي أن أكبر خطأ ترتكبه الأحزاب هو أن تجاري الشكل المعتاد في جلسات ومداولات مجالس النواب السابقة، فتتسم النقاشات بالفردية والمزاجية بعيداً عن أفكار الحزب ومنهجيته، فتضيع فرصة التمييز بين الماضي والحاضر، وبين الحضور الحزبي في البرلمان وغيابه نتيجة عدم الالتزام بقواعد الأداء الحزبي القائم على التحضير والتنسيق المسبق على مستوى الحزب قبل أن يتم التعبير عنه تحت القبة.
إن نجاح العملية السياسية يتوقف إلى حد بعيد على نجاح التجربة الحزبية في البرلمان، فمصير الأحزاب من حيث القناعة بدورها وأهميتها في تحقيق مبدأ توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار مرتبط بإظهار الفرق بين الأداء الجماعي الحزبي والأداء الفردي، وعليه سيتحدد ما إذا كانت الأحزاب ستكسب المزيد من المنضمين إليها أم أنها ستخسر بعضاً من الناشطين فيها، فعلى الأحزاب أن تدرك أن مستقبلها المتدرج على مراحل مرهون إلى حد بعيد بمستوى أدائها ليس تحت القبة وحسب بل تحت نظر الجميع.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-12-2024 10:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |