04-12-2024 08:46 AM
بقلم : الدكتور محمد الهواوشة
اليوم أو غداً، ستقف الحكومة أمام البرلمان في مسرحية مكررة يعرف الجميع تفاصيلها مسبقاً، حيث تُمنح الثقة دون حساب أو مساءلة. ليست هذه الجلسة اختباراً للحكومة بقدر ما هي انعكاس لمشهد سياسي بات مألوفاً: ثقة مضمونة لا تعبر عن إرادة الشعب، بل عن توافقات ومصالح ضيقة تتجاهل معاناة المواطن، وكأن البرلمان لم يعد بيتاً للأمة بل منصة للخطابات الفارغة والوعود الباهتة.
يا دولة الرئيس، على أي أساس تستحق حكومتكم هذه الثقة؟ هل على ما قُدم من برامج، أم على ما تحقق من وعود؟ أم أن الثقة تُمنح مجاناً باسم "التوازنات السياسية" دون الالتفات إلى معاناة شعب أثقلته الأزمات؟ إن المواطن لم يعد يهتم بخطاباتكم المنمقة، ولا بعباراتكم المصقولة. فواقع الحال أبلغ من كل الكلمات، والوطن يئن تحت وطأة البطالة، الفقر، والفساد الذي نخر مؤسسات الدولة بلا رادع.
إن الثقة التي ستنالها الحكومة ليست شهادة نجاح ولا دليل قوة، بل هي انعكاس لنهج سياسي فقد بوصلته وأضاع أهدافه. كيف يمكن لحكومة أن تتحدث عن ثقة شعبية وهي عاجزة عن تقديم الحلول الحقيقية لمشكلات الوطن؟ وكيف لنواب أن يمنحوا الثقة وهم يعلمون جيداً أن الشعب فقد الثقة بهم وبأدائهم؟
يا نواب الأمة، أنتم أمام مسؤولية تاريخية. الشعب الذي أوصلكم إلى هذه المقاعد يستحق أن تعبروا عن آماله وتطلعاته. صوتكم ليس امتيازاً، بل أمانة. أن تمنحوا الثقة لحكومة دون أن تطالبوها بخطة واضحة لحل الأزمات هو خيانة لهذه الأمانة، وإمعان في تعميق فجوة الثقة بين الشعب ومؤسساته.
دولة الرئيس، هذه الثقة التي ستنالها حكومتكم اليوم او غداً ليست سوى خطوة رمزية لن تغير شيئاً في واقع الشعب الذي ينتظر أفعالاً لا أقوالاً. الشعب الذي يعاني في كل تفاصيل حياته اليومية يريد حلولاً جذرية لا شعارات تُلقى تحت القبة.
في النهاية، نقولها بكل وضوح: مبروك الثقة غير المستحقة يا دولة الرئيس، لكن الشعب لن ينتظر كثيراً، ولن يغفر لمن يتلاعب بمصيره. فالثقة الحقيقية لا تأتي من قبة البرلمان، بل من الشارع الذي ما زال ينتظر الخلاص من أزماته المتفاقمة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-12-2024 08:46 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |