09-12-2024 08:17 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
فازت حكومة الدكتور جعفر حسان بثقة البرلمان كما هو متوقع بأغلبية قليلة، وذلك ليس مهماً ولا يحمل دلالة ذات قيمة تتعلق بمضمون البيان الوزاري، وإنما هي مجرد انعكاس لحالة سياسية آخذة في التشكل منذ أن دخلنا مرحلة تحديث المنظومة السياسية التي أفرزت قانوني الانتخاب والأحزاب، وإجراء انتخابات نيابية يشهد الجميع بأنها أنجزت بمنتهى النزاهة والشفافية، وأنها لم تقص أحداً من التيارات الأيديولوجية أو السياسية أو الاجتماعية، فضلا عن النجاح الذي تحقق على مستوى عملية الانتخاب نفسها من حيث ممارسة المواطن حقه في اختيار ممثليه من قائمتين محلية وعامة.
تحصل الحكومة- أي حكومة– على الثقة من نصف عدد أعضاء مجلس النواب زائد واحد، وبذلك يمكنها ممارسة حقها الدستوري في إدارة الشؤون العامة، والثقة هي الثقة بأغلبية ضعيفة كانت أو أغلبية قوية، والضعف والقوة هنا يكمن في مدى ثقة أو عدم ثقة الحكومة بنفسها، أو التي تستطيع أو لا تستطيع تحديد أولوياتها، وحشد طاقاتها وإمكانات الدولة لإنجاح مشروعاتها المتضمنة في بيانها الوزاري، وجداولها الزمنية، والأهم من ذلك في فهمها لطبيعة التحديات التي تتعرض لها الدولة داخلية كانت أو خارجية.
الذين تابعوا خطاب رئيس الوزراء، والمناقشات التي تلت ذلك لم يشعروا بأي نوع من التغيير، لا في الخطاب ولا في كلمات النواب في معظمها، وربما من الطبيعي ألا نلمس التغيير المرتجى ونحن ما زلنا في المرحلة الأولى من عملية التحديث السياسي، ومع ذلك يمكن تسجيل بعض المؤشرات الإيجابية من خلال كلمات ممثلي الكتل والأحزاب، وأجواء المجلس التي أظهرت قدرا من الموازنة بين واقع الأردن وواقع المنطقة وخطورة التطورات المحيطة به، والشعور العام بالمسؤولية المشتركة لخلق رأي عام متحد للتعامل معها، على أنها مسؤولية وطنية مكتملة الأوصاف.
يعرف الجميع أن طبيعة الأحداث التي تعيشها المنطقة تفرض علينا أن نحصن موقفنا، ونصون أمننا، ونقوي عزيمتنا للمضي قدمنا نحو مشاريعنا الوطنية المتعلقة بحاضرنا ومستقبل أجيالنا، وبالتالي تحقيق القدرة الكافية لحماية أنفسنا من تلك التطورات، ما ظهر منها وما بطن، وبالطبع نحن ندرك أنها تهدد أمننا من حيث إنها تهدد أمن واستقرار المنطقة التي نحن جزء منها ولكن على القوى السياسية والحزبية الممثلة في البرلمان أن تنمي في خطابها حالة الوعي والتضامن الوطني، وأن تتحاشى كل أشكال المزايدة أو التشكيك، ولعل من أولى الأولويات في هذا الوقت العصيب إزالة كل الحواجز بين ما هو (رسمي وشعبي) وهي حواجز وهمية تم اختراعها في غياب الفهم الدقيق لطبيعة الصراع القائم وتداعياته ومخاطره.
ما بعد الثقة هناك درب طويل وشاق، وهناك مسؤوليات مشتركة يتحملها الجميع، وعلى كل المستويات، فليس أمام الحكومة إلا أن تتقن عملها، وأن تفي بما ألزمت نفسها به، وليس أمام مجلس النواب إلا أن يحاسب الحكومة حساباً صارماً بالحق، بعيدا عن كل ما أنفه الأردنيون من كلام وتعبيرات تجاوزها زمان الأردن الذي يقف الآن عند الحدود الفاصلة بين كل التناقضات، حيث لا مفر من أن يدرك الذين يعيدون رسم خريطة هذه المنطقة بأن الأردن قوي منيع من داخله ومن خارجه على حد سواء.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-12-2024 08:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |