15-12-2024 03:49 PM
بقلم : د.عبدالكريم الشطناوي
منك لله يا ظالم
يا ظالم لك يوم مهما طال اليوم
يا ويلك يا ظالم يا ويلك
يا سواد نهارك وليلك
من المؤكد أنّ الظلم مأساة،و يُعرَّف بأنه وضع الشيئ في غير
موضعه بزيادة أونقصان،وهو إنحراف عن العدل وتعدي عن الحق إلى الباطل والتصرف بما
للآخرين عنوة،وهو الجور بعينه،
وعواقبه وخيمة،يأكل الأخضر واليابس.
والظالم قد يكون فردا،جماعة،
إعلاما موجها مأجورا،مؤسسة، أو حاكما.وإن قوة الظلم وشدته ومآسيه ترتبط بأهمية ودور من
يقوم بظلم الآخرين:::فلو أخذنا دور الإعلام المأجور وماكينته فإنها تلعب دورا كبيرا في عملية
غسل دماغ الشعوب وخداعها بترويج أنباء،أخبار ملفقة لقلب الحقائق بما تملكه من اساليب،
وبتسخير واستغلال إمكانياتها
التكنولوجية والإبداع بتصوير
الأحداث وعمل الأفلام ودبلجتها
بوجود الذكاء الاصطناع لتخدع بها المشاهدين.
وأما الحاكم الظالم فهو من يحكم حكما مطلقا غير مقيد بالقانون،واغتصب السلطة العليا
الشرعية،ويدافع بوسائل قمعية عن منصبه ضد شعبه ومصادرة
الرأي والرأي الآخر.
فمهما طال الظلم فإن الفرج آت ولو بعد حين،فإنه لا شماتة بالظالم(فيداه أوكتا وفوه نفخ)
يا ويلك يا ظالم فإنك بوجودك وحتى بعد فراقك تترك الناس يقاسون مما خلفت فيهم من آلام وأوجاع، وخراب ودمار،
وضياع وفقر وهوان،فيا ليتك اتعظت بمن سبقك لما حصل كل ذلك.
منك لله أيها الظالم:أين تقوى الله؟ألم تتعظ بما قاله الرسول الكريم(إتق دعوة المظلوم فإنه
ليس بينها وبين الله حجاب).
ألا يوجد لك ضمير يحاسبك ليردعك ويوقفك عند حدك؟
وهل فقدت إنسانيتك وعشت في ساديتك؟ألم تقرأ عن من سبقك من ظَلَمةٍ؟أين كنت مِنْ:
(حكمت فعدلت فأمنت فنمت قرير العين هانيها)
من حق من اكتوى بنار ظلمك أن يفرحوا،ولكن أن لا تأخذهم
العزة بالفرحة،ليس كل ما يلمع ذهب،وعليهم الحذر من الأعداء المتربصين على الحدود وأن لا ينشغلوا عنه،وأن لا يأمنوا مما تخبيه لهم حبلى الأيام بالأيام
القادمة.فإنه:
وما من يد إلا يد الله فوقها
وما من ظالم إلا سيبلى بأظلم
نعم بشِّر الظالم بأن ظلمه قاتله،
يوم لا ينفعه ندم(يوم يفر المرء
من أخيه وأمه وأبيه،وصاحبته
وبنيه،لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه).
نعم منك لله يا ظالم ما حسبت حساب يومٍ يتخلى فيه عنك القريب قبل الغريب،فقد غرَّتك الحياة المادية وأعمت لديك البصيرة والبصر،فَقَدَّتَ البوصلة لمعرفة مسارك الصحيح أثناء قيادتك السفينة عندما تلقاك الأعاصير والرياح لتنجو بجلدك
وينجو الآخرون،ليتك إتعظت بمن سبقك مثل:فرعون ونيرون
والشاهنشاه وغيرهم كثير؟؟؟
تعسا لك أيها الظالم كائنا من تكون،ألا ترى ما يحل في البلاد من خراب ودمار،وآلام وأوجاع مَنْ أَمَّروك عليهم،خنت الأمانة وفكَّرْت بنجاتك فقط عندما فقدت المجداف؟؟
وأيم الله شيئ مفرح الخلاص من الظالم وهو مطلب جماهيري
خاصة عندما يزداد ظلمه،ويبلغ
السيل الزبى،لكن إنه الظلم بحد
ذاته أن يكون ثمن ذلك ضياع وطن بحاله بأرضه وشعبه.
إننا نعيش هذه الأيام مأساة ما
حل في سورية الحبيبة،فصارت
أشبه بالأيتام في مآدب اللئام،
وفي حالة ضبابية بعد معاناتها من حروب ومؤامرات زادت عن (١٣)سنة عجاف،الشكر لحمد بن
جاسم رئيس وزراء قطر ووزير
خارجيتها الأسبق الذي كشف المستور عما حيك لسورية من مخططات تآمرية من أصدقاء وجيران وأعداء.
إنه لمحزن أن نراها في حالة
ضبابية،وعدم استقرار بل إنها جريمة كبرى أنها أصبحت أرضا مستباحة للأعداء،غزاها واحتل مساحات منها،دمر بنيتهاالمدنية
والعسكرية تحت مرأى ومسمع ما يسمى بفصائل المعارضة
خاصة والعالم عامة،وصارت في
وضع مأساوي يكتنفه غموض دامس.
وهكذا وقعت سورية فريسة ما بين النظام وعناده على معاداة
شعبه وبين ما حيك من إتفاقات
دولية على حسابها،وهذا جعلها تسقط،تنهار بفترة زمنية قصيرة
بالإضا فة إلى صراعها وانشغالها
الطويل بالحروب.
نعم سقط النظام وهرب رأسه بريشه،ترك سورية مسرحا لعدو غاصب كان ثمن سقوطه غاليا
إنه وطن(أرض وشعب)يسرح فيه العدو لينفذ مخططاته وبناء
دولته الكبرى المزعومة.
سقط النظام وأساليبه البشعة في كبت الحريات وبان المستور
سجون وما خلفته:من آلام،مآس
وأحزان إنها والله لجرائم كبرى بحق الإنسان وكرامته .
نعم سقط النظام وفرَّ رْأسُه
بريشه،سقط على أيدي فصائل المعارضة،وأي معارضة تقبل أن
يٌهان وطنها ويُذلُّ شعبها تحت مرآها ومسمعها،يقضي على بنية
الجيش السوري؟هل نسيت أو
تناست المعارضة قوله تعالى: (ودَّ الذين كفروا لو تغفلوا عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون
عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر
أو كنتم مرضى أن تضعوا
أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا).
بئست من معارضة تدخل تحت
حماية الأجنبي وكل طامع في بلادها،لا تحرك ساكنا،لا تحسب حسابا لما يتبع سقوط النظام
وما عليها من واجبات للوطن وشعبه آنئذ.
نعم سقط النظام،وسقطت قبله
بغداد ودخلتها المعارضة على ضهر الدبابة الأمريكية،وبدعمها
حصل ما حصل في العراق من
تقسيم طائفي ومذهبي،وتصفية
لعلمائها ونهب لخيراتها واحتلال
لأرضها،وفقدان أمنها وأمانها.....
وهكذا يسدل الستار لعائلة
الأسد،ونستذكر من تاريخها ما حصل في الجولان في حرب حزيران(١٩٦٧)إبّان تولي حافظ الأسد وزارة الدفاع السورية وما
طلبه من القوات المرابطة فيها
بالإنسحاب دون إطلاق اي طلقة
ضد العدو،تعود بي الذاكرة لتلك
الأيام حيث تم استقبال بعض
المنسحبين في معهد المعلمين في حوارة لرعايتهم.
وها كأن التاريخ يعيد النتائج المتشابهة،فبعد فرار بشار هاهو العدو يدخل سورية وقواته على
مشارف دمشق.
ولا نملك إلا الدعاء لسورية بأن تتجاوز محنتها وأن تحقق أمنها واستقرارها.
سلام من صبا بردى أرق
ودمع لا يكفيك يا دمشق
وبي مما رمتك به الليالي
جراحات لها في القلب عمق
لحالها الله أنباء توالت
على سمع الولي بما يشق
يفصلها إلى الدنيا بريد
ويجملها إلى الآفاق برق
((حمى الله وطننا قيادة وشعبا
وأرضا))......
والله المستعان.
د. عبدالكريم الشطناوي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-12-2024 03:49 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |