16-12-2024 09:29 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
سقط النظام في سورية سقوطاً مدوياً، والأسباب لا حصر لها، أما الطريقة وبدائل النظام فتلك حكاية أخرى تحتاج إلى كثير من التفكير والتحليل ومعرفة الحقائق التي يبدو أنها أبعد ما تكون عن معظم ما نسمعه ونراه عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل، غير أن الحقيقة الأكثر وضوحاً هي أن بشار الأسد الذي أخذته روسيا عندها، لم يعد رئيساً لسورية، وأن هناك من حل محله من قوى المعارضة السورية على اختلاف تسمياتها وخلفياتها ومشاربها وداعميها وهي جميعها تحت اختبار حاسم في مسقبلها ومستقبل سورية معها، فإما أن تنجح في إقامة نظام توافقي جديد يحظى بدعم إقليمي ودولي، أو تذهب إلى حرب أهلية تجر فيها الشعب السوري نحو مزيد من الهلاك والدمار.
على مدى أكثر من نصف قرن لم تكن سورية جارا مريحا لنا سواء تحت حكم الأسد الأب أو الابن، ومن دون التذكير أو الرجوع إلى تطورات وحوادث مؤلمة من تاريخ العلاقات الثنائية يكفينا التوقف عند المأساة التي عشناها مع الشعب السوري الشقيق على مدى ثلاثة عشر عاما أقام خلالها بيننا ما يزيد على مليون لاجئ سوري بكل ما ترتب على ذلك من أعباء أمنية واقتصادية واجتماعية، ولا ننسى بالطبع تلك الأيام المريرة حين كانت قواتنا المسلحة والمؤسسات الإنسانية تحتضن أفواجاً من الفارين من هول ما عاشوه من رعب وشقاء في المدن والأرياف السورية، ومثلهم آخرون نجوا بأنفسهم إلى بلاد عديدة!
الآن ليس بالإمكان توقع ما سيكون عليه الحال في سورية، ولكن بالنسبة لنا في الأردن نحتاج إلى تقييم دقيق للوضع الراهن، وإلى وضع تصور للتطورات والاحتمالات، ففي أحسن الاحتمالات سيتطلب الأمر وقتا طويلا لتثبيت مفهوم المرحلة الانتقالية، ووقتا أطول لتشكيل نظام جديد محدد الهوية والملامح يحل محل القديم، ويقدم نموذجاً مختلفاً ومنسجماً مع المحيط العربي والدولي.
من أولى الأولويات لوضع تصور من هذا النوع ينبغي أن نضع عنواناً واضحاً لموقفنا مما يجري في سورية، وهذا العنوان قد تم وضعه بالفعل من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي غداة سقوط نظام بشار الأسد (إن الأردن يقف إلى جانب الأشقاء السوريين ويحترم إرادتهم وخياراتهم)، والآن قد مّر ما يكفي من الوقت للتعبير عن ردود الأفعال العاطفية التي ملأت ساحتنا، وجميع الساحات، وقد حان الوقت لتوفير كل عناصر التأييد للخطوات التي يتخذها بلدنا من أجل دعم فرص الأمن والاستقرار في سورية حيث جاءت اجتماعات لجنة الاتصال العربية الوزارية بشأن سورية في العقبة قبل يومين كأول مبادرة في هذا الاتجاه، ولا شك أن تحديد هوية النظام في سورية وحسن توليه شؤونها الداخلية والخارجية فيه مصلحة للسوريين أولاً، ولنا في الأردن ثانياً ولدول المنطقة ثالثاً!
الأردن الرسمي يعرف جيداً ما يجري ضمن المعادلة الإقليمية، ويدرك مخاطر تلك المعادلة عندما تكون أشبه باللعبة، وهو قادر بحكم موقعه وحنكة وخبرة قيادته على التعامل مع الاحتمالات كلها، ولكن ذلك ليس معزولا عن الموقف الوطني الموحد خلف القيادة على أساس المصالح العليا للدولة، وأمنها واستقرارها، وتعزيز قوتها في التعامل مع التطورات مهما كان نوعها أو مصدرها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-12-2024 09:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |