16-12-2024 01:02 PM
بقلم : علي القيسي
عنوان الكتاب لافت (آدمية) من كلمة واحدة وهو العتبة ، من هنا نبدأ من غلاف الكتاب والوانه ذات اللون البني الغامق والبيج وصورة لامرأة ترتدي شال طويل وبيدها تفاحة حمراء .
ماذا يعني ذلك ؟ نعود لكلمة آدمية وهي اسم مفرد مؤنث ، والمذكر منه آدم ، طبعا اتضح المعنى كثيرا ، آدم وحواء أجدادنا منذ فجر الكون ، أبونا آدم وأمنا حواء ، ورمزية الجنة والتفاحة ولكن لماذا الكاتبة ماجدة الطراونة لم تسمي آدمية بحواء وهو الاسم الحقيقي ، واختارت أسما مشتقا من أدم ؟ وأسمته آدمية ؟! باعتقادي أن الكاتبة تقصد شيئا غير مألوف من قبل ، عندما تؤكد أنها انسانة آدمية نسبة لآدم ، وانها لاتختلف عنه بل هي وهو من نفس واحدة ، إذا كان أدم يعني الانسان وكذلك آدمية الانسانة ،
وهذا يدلل على أن السرد في المجموعة القصصية يدور حول حياة المرأة على انها كائن انساني وليست كائن آخر ، فلها حقوق مثلها مثل الرجل ،،وعلى الرجل احترام حقوقها وكرامتها ومشاعرها، إن كانت زوجة أو أخت أو ابنة أو أم
فالسرد والعناوين في الداخل تتحدث عن بطلة القصص أو الرواية وهي غيدا ، هناك عناوين لكل قصة ولكن الخيط واحد الذي يربط هذه القصص أو المتواليات وهي تتبع بعضها بعضا في الأحداث والشخوص ، فهناك الطوفان ، طبخة في الزبالة ، أرجيلتي صديقتي ،متصفحو الفيس بوك ، زواج مع وقف التنفيذ ، وقصص أخرى ،
كل قصة لها مناسبة ومكان وزمان وحدث معين ، هناك تركيز في القصص على الشخصية المحورية غيدا ، وهي الراوي
التي تتحدث في كل عنوان وقصة ، تتقمص شخصية غيدا ، أو هي غيدا بشحمها ودمها ، قد تكون تورية أو تكنية ،
ولكن السرد جميل ومتسق ويحمل معان ودلالات ، ثمة معاناة في الحياة الزوجية وهذا طبيعي ، ثمة تذمر ومرارة من الواقع الذي تعيشه المرأة ، ثمة جمع بين العمل والبيت والزوج والأطفال ، وزوج ربما يكون لايقدر تعب ومعاناة الزوجة ، ويريدها تنفذ طلباته فقط ، ويتجاهل وجودها وكأنها قطعة أثاث في البيت ، غيدا تمر بمراحل وأوقات وحالات متعددة ، ومشكلتها أنها لاتشعر بالسعادة والراحة في حياتها ، فهناك ضغوط كبيرة في ترتيب أمورها ، تريد أن تشعر بالراحة والتقدير لجهودها ، لاسيما العاطفية فهي تشعر أنها بحاجة لكلمة طيبة ولطيفة من زوجها القاسي الذي لايقدر معنى الأونوثة والمشاعر ، هي تبحث عن الجمال والرومانسية والتفاهم مع شريكها
، فالعلاقة في الزواج ليست لاشباع الشهوة فقط ، هي تريد الشعور بالاحترام لعقلها وفكرها وعلمها ورأيها ،
هذا ماجاء في بعض القصص أو الفصول ،
فقصة (حبيبي شبح ) توظف غيدا تيار الوعي لاستعادة الماضي ، عندما ياتيها طيف حبيبها الأول الذي لم يتوج بالزواج ، وتستذكر الأيام واللقاءات الجميلة معه ، فيما كانت في حلم جميل قض مضجعها ،واستذكرت في اللاوعي حبيبها الأول ،، وهي بشوق إلى تلك الأيام رغم زواجها مرتين ،فالحبيب الأول لا تنساه الفتاة حتى بالأحلام قد تراه بين الفينة والأخرى ،وهذا يدلل على أن الحب الاول لايزول مع الأعوام ،يبقى حياة يعيش في زاوية ما من القلب والروح .
وهذه المشكلة اجتماعية ،وليست فردية ،فالرجل أيضا لاينسى حبه الأول الذي لم يتكلل بالزواج ، فآدم وآدمية لهما نفس الشعور والتركيب النفسي ،وهذا سبب فشل حالات كثيرة من الزواج ،
( حين أفاقت من نومها ،تذكرت أنها شاهدت حبيبها السابق ،في ذلك الحلم )ص ٤٥
وثمة قصة (غيداء والبحر )
في هذه القصة اختلاف واستقلالية عن القصص الأخرى ، حيث الحب البكر ، والأوقات السعيدة ، والنشوة العارمة ،والبحر وأمواجه ولمعان صفحته وسحره عند غياب الشمس فعلا لوحة جميلة ووصف رائع للحالة والموقف ، والعاشقان لايشعران بمرور الوقت حتى انسدل ستار الليل ،
( جلسا على بساط سحري يجوب بهما الشاطئ بمناظره الخلابة ، وتحت سكرة الحب ،وضعت رأسها في حضنه) ص٢٥
أما بالنسبة للغة الكتاب فهي لغة بسيطة واضحة وثرية في معانيها ،ففيها الوصف والسرد السلس والمشوق ، والاسلوب جميل ممتع يجعل القارئ يتابع بشغف ،
وأما من ناحية فنية ، فهناك التقنية الحديثة للقصة ، والنهايات المغلقة التي توصل رسالة بدون التأويلات المختلفة ،
راجيا للأديبة الزميلة ماجدة الطراونة دوام النجاح.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-12-2024 01:02 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |