18-12-2024 09:45 AM
بقلم : محمد خروب
قبل أسبوع وتحديداً يوم الجمعة الماضي 13/12, قدّم مُدعي عام دولة العدو الصهيوني رسمياً, «استئنافين» للمحمكة الجنائية الدولية, على قرار الأخيرة إصدار مُذكِرتيّ اعتقال بحق مُجرِمَيّ الحرب/نتنياهو, ووزير حربه المُقال/غالانت. علما ان «الجنائية الدولية» أصدرت، في 21 تشرين الثاني 2024، أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهمة «ارتكاب عدة جرائم تدخل في اختصاص المحكمة، بما فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مثل استخدام التجويع أداة من أدوات الحرب، والقتل والاضطهاد وغيرهما من الأعمال اللاإنسانية».
وإذا كان المدعي العام الصهيوني انتظرَ حتى الساعات الأخيرة, من المهلة التي منحتها المحكمة لحكومة نتنياهو, للتقدّم باعتراضها/استئنافها على أمرَيّ الاعتقال, فإن فشل الضغوط الصهيوأميركية/الأوروبية على قضاة المحكمة قبل ذلك, والتهديدات التي رافقتها بما في ذلك التلويح بفرض عقوبات عليهم/قضاة المحكمة, وسحب تأشيراتهم وتجميد حساباتهم البنكية وغيرها مما يبرع المُستعمِرون في اختراعها, عكست من بين أمور أخرى, تضاؤل قدرة دول «العالم الحرّ» المّزيّف, التأثير بمَن هم مُولجون معاقبة مُجرمي الحرب, ومنع إفلاتهم من العقاب. رغم ?ا روّجته وسائل الدعاية الغربية من أكاذيب, وما أطلقه قادة الدولة الصهيونية الفاشية, من تصريحات «تنزَع» عن المحكمة الصلاحيات التي وفّرها «ميثاق/نظام روما», المُؤسس لقيام المحكمة وبدء عملها رسميا في ا/7/ 2002. على النحو الذي مثّلته تصريحات نتنياهو عندما قال بصلف واستعلاء, مباشرة بعد صدور مُذكرتي الاعتقال: «إسرائيل ترفضُ الاعتراف بصلاحية المحكمة, وشرعية أوامر الاعتقال التي صدرت بحقه وبحق غالانت».
ها هي الدولة العنصرية بـ«استئنافَيّها» قد اعترفت بصلاحية الجنائية الدولية, وبات الأمر بعد الآن في أيدي «القضاة» أنفسهم الذين أصدروا أوامر الاعتقال في 22/11/2024. فهل يستمِر القضاة على «رأيِهم» ولا يتراجعون عنه؟. هنا علينا التريّث والتحذير من حجم ومخاطر الضغوط والتهديدات الماثلة, التي يُمكن ــ بل من المُؤكد ـ ان يتعرّض لها قضاة المحكمة «مرة أخرى», ولكن على نحو مُتزايد ومُكثف من الدوائر الصهيوأميركية/الأوروبية نفسها, كونها «السهم الأخير في جُعبتهم», إذ بعدها سيكون نتنياهو وغالانت عُرضة للاعتقال من قبل 124 دو?ة وقّعت على «ميثاق روما», والتزمت تنفيذ بنوده, وبخاصة اعتقال مَن صدرت بحقهم «اوامر اعتقال».
لكن مهلا... ثمة دول «غربِية» عديدة, وبعض دول الجنوب المنحازة للرواية الصهيوأميركية, عقدتْ «صفقات عار» مع دولة العدو, وأخرى خضعت للضغوط والابتزاز والتهديد, جعلها تُعلِن» او «تُضمِر» انها «لن» تعتقل نتنياهو, إذا ما زارها او هبطَ في مطاراتها او عبرَ أجواءها وحدودها البرية, مثل فرنسا/ماكرون, وريثة الثورة الفرنسية وشعاراتها الثلاثة «الخالدة على الورق» بالطبع. حيث وفّرت باريس «حصانة» لنتنياهو, بلهجة تبريرية وقحة, تفوح منها رائحة التواطؤ والمراوغة, عندما قالت: «ستحترِم فرنسا التزاماتها الدولية، على أن يكون مفهوما? أن (نظام روما الأساسي) يطلب التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية»، و(ينص أيضاً) على أنه «لا يُمكن» مُطالبة دولة ما بالتصرّف بطريقة (تتعارَض مع التزاماتها بموجب القانون الدولي, فيما يتعلق بحصانات الدول «غير الأطراف» في المحكمة الجنائية الدولية). و«تنطبق هذه الحصانات على رئيس الوزراء/نتنياهو والوزراء الآخرين المَعنيين»، ويجب أن تُؤخذ في الحسبان إذا ما طلبت الجنائية الدولية اعتقالهم وتسليمهم». (هنا يحضر سؤال مهّم وحيوي: ماذا لو هبطَ الرئيس الروسي/ بوتين في مطار رواسي باريس, حيث روسيا لم توقّع على نظام ?وما؟. عندها سيتلعثمون ويسّتلّونَ نصا آخر, من «إرثِهم» الاستعماري العنصري, الذي خبِرته شعوب الدول التي خضعَت للاستعمار الغربي الوحشي).
بل ذهبَ بعيداً بيان الخارجية الفرنسية الذي قرأه مُتحدث الوزارة (وليس الوزير او مُتحدث الإليزيه) مضيفاً: أنه «تماشياً مع الصداقة التاريخية بين فرنسا وإسرائيل، و(هما ديمقراطيتان مُلتزمتان سيادة القانون واحترام القضاء المهني والمُستقل)، تعتزِم فرنسا مُواصلة العمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء/نتنياهو والسلطات الإسرائيلية الأخرى, لتحقيق السلام والأمن للجميع في كل بقعة من الشرق الأوسط».
أكاذيب واضاليل كشفت من بين أمور أخرى, ما بات قناعة راسخة لدى معظم شعوب المعمورة’ بأن المُستعمِرين قديمهم والجديد, لم ولن يَبرحوا مُربع العنصرية والاستعلاء والتآمر ونهب ثروات الشعوب الفقيرة, وتلك التي ترفض الخضوع لإملاءاتهم وابتزازهم.
والآن ماذا جاء في «استئنافَيّْ» العدو, على اوامر الجنائية الدولية؟.
في شأن الاستئناف الأول: يزعم المدعي العام الصهيوني أن كريم خان (مدعي عام الجنائية) انتهكَ مبدأ أساسيّاً, مُصمَّماً لتقييد اختصاص المحكمة الدولية, في الحالات التي تتمتّع فيها الدولة الخاضعة للتحقيق, بنظام قانوني وقضائي مُستقلّ، وبقرارها/ اي المحكمة بالموافقة على مذكرات الاعتقال. كما يُشير/المدعي الصهيوني بأن التحقيق، في عام 2021، يختلف «بشكل كبير» عن التحقيق الحالي، وبالتالي ــ يلفت او الأدق يكذِب المدعي الصهيوني–كان ينبغي، أن يُصدِر خان «اخطاراً جديداً (قبل) أن يَطلبَ إصدار أوامر الاعتقال بحقّ نتنياهو وغال?نت.
أما الاستئناف الثاني فجاء فيه ــ حيث لم يتورّع المدعي العام الصهيوني ــ إعادة تذكير المحكمة بنصوص «اتفاق اوسلو» الكارثي ــ مُحاجِجاً بالقول: ان قرار عام/2021، الذي قضى بقبول دولة فلسطين في المحكمة، «لم يتناول صراحة» الحجج المُحيطة بأحكام «اتفاقيات أوسلو»، زاعما أن قرارالمحكمة رفْض الطعن الإسرائيلي في اختصاصها، يعني أن إسرائيل حُرِمَت «ظُلماً من حقّها». مُردفاً أن المحكمة أصدرتْ أوامر اعتقال «ظُلماً", ضدّ رئيس وزراء إسرائيل ووزير الدفاع السابق».
kharroub@jpf.com.jo
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-12-2024 09:45 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |