18-12-2024 09:48 AM
بقلم : د. رعد التل
أعلنت الحكومة عن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 290 دينارا، بدءا من 1 كانون الثاني 2025. هذا القرار تم اتخاذه بإجماع أطراف اللجنة الثلاثية "الحكومة وأصحاب العمل والعمال" بهدف الموازنة بين حق العمال في تحسين أجورهم وبين الظروف الاقتصادية لأصحاب العمل. فبرغم رفع الحد الأدنى للأجور عدة مرات، إلا أن تأثير التضخم التراكمي أدى إلى تآكل القوة الشرائية، حيث أصبح الحد الأدنى الحالي (260 ديناراً) يعادل بالقيمة الحقيقية نحو 153 ديناراً. فمسألة رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن أصبحت ضرورة ملحة ولم يعد مجرد خيار، فالتحديات?الاقتصادية التي يواجهها المواطن الأردني تتزايد بصورة متسارعة! والتكاليف الشهرية لا يمكن تغطيتها بحد أدنى للأجور قدره 260 دينارا.
بحسب إحدى الدراسات تعتبر التكلفة الاجمالية للقرار محدودة اذ تتراوح ما بين 11 مليون دينار في سيناريو رفع الى 281 الى 26 مليون دينار في حال الرفع الى 340 دينار، كما يترتب على هذه الزيادة ارتفع في التكاليف الكلية بنسب من 0.6% الى 2.4% في السيناريو الأعلى وبالتالي فإن التكلفة الاقتصادية الكلية محدودة، ومن خلال البيانات التاريخية خلال العقدين الاخيرين تظهر البيانات اتساع الفجوة ما بين متوسط الأجور في القطاع الخاص والحد الأدنى للأجور.
نظرياً تظهر العلاقة بين رفع الأجور وتحسن الطلب الكلي بوضوح، إذ إن زيادة الدخل المتاح للأسر ستؤدي إلى زيادة الإنفاق على السلع والخدمات. وبالتالي، سيتعزز الطلب الكلي في السوق (مع بعض الزيادة في الأسعار)، مما يساهم في تنشيط النشاط الاقتصادي، وزيادة الإنتاج، وتحفيز خلق المزيد من الوظائف. ويعني ذلك أن الزيادة في الأجور ليست فقط لفائدة العمال، بل تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي بشكل عام، كما أن زيادة الأجور يمكن أن تعزز إنتاجية العمال، مما يقلل من التكاليف المترتبة على استبدال العمالة، ويجعل الشركات أكثر قدرة على?التكيف مع التغييرات في السوق.
بالإضافة إلى ذلك، فالعلاقة بين رفع الأجور ومعدل البطالة تعد موضوعا مثيرا للنقاش، ففي الوقت الذي قد يخشى فيه البعض من أن زيادة الأجور ستؤدي إلى ارتفاع البطالة بسبب زيادة تكاليف العمالة، تشير الأبحاث إلى أن التأثير السلبي على سوق العمل يمكن أن يكون محدودًا، خاصة إذا تم تنفيذ الزيادة بشكل تدريجي. ومع ذلك فالعلاقة بين الحد الأدنى للأجور ومعدل البطالة في الأردن تبدو ضعيفة وغير حادة، حيث لم يظهر أن رفع الحد الأدنى للأجور انعكس بشكل كبير على معدلات البطالة. يشير ذلك إلى أن تأثير هذه السياسة على سوق العمل كان محدو?اً، وربما يعود ذلك إلى طبيعة القطاعات الاقتصادية في الأردن، التي قد تكون قادرة نسبياً على استيعاب التغييرات في تكاليف العمالة دون تأثيرات كبيرة على حجم التوظيف، حسب الدراسات.
إن رفع الحد الأدنى للأجور ليس مجرد وسيلة لتخفيف أعباء الحياة على المواطنين، بل خطوة ضرورية لإنعاش الاقتصاد الأردني وتحقيق الاستقرار الاجتماعي. فهو يعزز الطلب الكلي ويساهم في خفض معدل البطالة في الامد المنظور، مما يعكس أهمية هذا الإجراء في سياق التنمية الاقتصادية المستدامة.لكن من المهم في المرحلة القادمة ربط الحد الأدنى للأجور بمزيج من مؤشرات التضخم والإنتاجية، بحيث تعكس التعديلات المستقبلية الأداء الاقتصادي وتكاليف المعيشة الفعلية.
الراي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-12-2024 09:48 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |