18-12-2024 02:43 PM
سرايا - تعيش مدن الضفة الغربية المحتلة، حالة غير مسبوقة من التوتر والغضب المتصاعدين، بسبب “الحملة الأمنية” المثيرة للجدل التي تشنها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية منذ أكثر من أسبوع، بحجة “فرض الأمن وملاحقة الخارجين عن القانون”، وما صاحبها من انتقادات حادة.
ورغم أن السلطة الفلسطينية لا تزال تتبع سياسة “عدم المبالاة” تجاه كل الانتقادات التي وجهت لها منذ إطلاق حملتها الأمنية في مدن الضفة وعلى وجه الخصوص مدينة جنين ومخيمها شمالاً، إلا أن بعض التسريبات قد كشفت أسباب هذه العملية الأمنية ودوافعها الخفية.
ووفق ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام، وكذلك تصريحات المسؤولين، فإن السلطة الفلسطينية في موقف حرج للغاية، وتحاول بكل قوة البقاء رغم كل ما يحيط بها من مخاطر، في حين الحديث يكثر عن وجود مخططات “خطيرة وخارجية” تدفع نحو انهيارها وإسقاطها.
وتشن أجهزة أمن السلطة حملة أمنية مشددة على جنين ومخيمها منذ 9 أيام، أسفر عن مقتل عدد من المواطنين وإصابة عشرات آخرين برصاص أجهزة السلطة.
وتنتشر أعداد كبيرة من أجهزة السلطة في محيط مخيم جنين وبعض مناطق المدينة، وشوهد قناصة أجهزة أمن السلطة وهم يعتلون عمارات سكنية ومنازل مرتفعة محيطة بمخيم جنين لاستهداف عناصر المقاومة.
ويعيش سكان مدينة جنين ومخيمها أجواء من الرعب نتيجة تغول أجهزة السلطة على المواطنين واختطاف مقاومين يتبعون لكتيبة جنين.
وتصاعدت انتهاكات السلطة مع اندلاع الحرب العدوانية على قطاع غزة، حيث استعرت نارها بهدف إجهاض اي محاولة لاستنهاض المقاومة بالضفة، كي لا تشكل هذه الحالات إسنادا لقطاع غزة.
واستهدفت أجهزة السلطة بالاعتقال والقتل عناصر المقاومة من الكتائب المسلحة بالضفة، وآخرهم ما حدث في جنين باختطاف عدد منهم وإطلاق النار عليهم بشكل مباشر، مما أدى لاندلاع اشتباكات مسلحة بين السلطة والمقاومين.
هذه الحملة أظهرت حالة من “التمرد” داخل صفوف قوات الأمن الفلسطينية والرافضين بشدة لها، فقرر رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج معاقبة 17 ضابطًا من عناصر أمن السلطة على خلفية تقارير أمنية وصلته عن نيتهم الاعتراض على حملة “حماية وطن” ضد مخيم جنين.
وقال أحد الضباط، إن اللواء فرج قرر نقلهم من مدينة جنين التي تشهد اشتباكات عنيفة مع عناصر المقاومة إلى مناطق جنوبي الضفة الغربية كعقوبة لهم على خلفية تقرير أمنية وصلت ضدهم، وفق موقع “شاهد”.
وكشف الضابط الذي رفض الكشف عن هويته خشية معرفته بأن فرج يحاول من وراء ذلك منع تأثيرهم أو اعتراضهم على الحملة، مشيرًا إلى أن هناك عدد وصفه بأنه “لا بأس به” يشعر بالرفض من المشاركة في الهجوم على جنين لمعرفتهم المسبقة بأهدافه ودوافعه.
وذكر أن الضباط شعروا بسعادة بالغة مع وصول خبر نقل إلى محافظات ثانية وإمكانية تملل عناصر آخرين والرفض لهذه الأوامر التي لا تفتت النسيج الوطني.
يذكر أن الحملة ضد مقاومة مخيم جنين تشهد عزوفا في صفوف أجهزة أمن السلطة وهو ما دفع بالرئيس محمود عباس إلى التهديد بإقالة ومحاسبة كل شخص لا يستمر فيه.
ورفضًا للعملية الأمنية المثيرة للجدل إسنادا لمخيم جنين، خرجت جماهير مدينة طولكرم ومخيمها في مسيرات حاشدة مساء أمس الاثنين، وردد المشاركون في المسيرة هتافات مؤيدة للمقاومة في جنين، ومنددة بسلوك أجهزة السلطة التي قتلت وجرحت المواطنين خلال عدوانها المستمر على المخيم.
كما طالب المتظاهرون بإنهاء عملية أمن السلطة في مخيم جنين فوراً وسحب القوات الأمنية المدججة التي تختفي عندما يجتاح الاحتلال أي منطقة فلسطينية.
وجاءت هذه المسيرة استجابة لنداء أهالي مخيم جنين الذين استنفروا كافة قطاعات الشعب الفلسطيني في الضفة للخروج رفضاً لجرائم أجهزة أمن السلطة.
من جانبها، أكدت فصائل العمل الوطني والإسلامي، أن سلوك السلطة خروج سافر عن الإجماع الوطني ويقوض كل مساعي الوحدة، وشددت في بيان صحفي، على أن أعمال العربدة بالقوة التي تقوم بها أجهزة السلطة في الضفة تخدم الاحتلال.
ودعت الفصائل لوقفة شعبية ووطنية لمنع التغول البوليسي والأمني على أبناء شعبنا بالضفة.
من جانبه، قال الناشط السياسي عبد الرحيم اشتية، إن هجوم السلطة على مخيم جنين فاق كل التوقعات وفتح شلال دم نازف سيدفع ثمنه الجميع وكسر ثقافة حرمة الدم الفلسطيني وتجاوز لكل المحرمات، مطالبًا العقلاء والمؤثرين كافة بالتحرك وأن يهبوا لوقف هذا النزيف الذي قد يؤدي بنا بنهاية المطاف إلى خسائر لا تحمد عقباها، مشيرًا إلى أن من يراق دمهم بالشوارع اليوم هم أبنائنا، وعلى أصحاب القرار عدم الانزلاق إلى أتون حرب أهلية وتحمل مسؤولياتهم الوطنية وتغليبها على حساباتهم الشخصية.
بدورهـ قال الخبير في الشأن الفلسطيني، طلال عوكل، إن “فرص انهيار السلطة الفلسطينية ازدادت بعد الحرب بين حماس و "إسرائيل" في قطاع غزة”، لافتًا إلى أن الخلافات بين الفصائل المسلحة وأجهزة السلطة ستؤدي إلى انهيار الأخيرة.
وأوضح عوكل، أن “ (إسرائيل) نجحت وعلى مدار السنوات الماضية في إضعاف السلطة الفلسطينية وتهميش دورها من خلال القرارات أحادية الجانب”، مؤكدًا أن الأوضاع الجديدة في المنطقة ستؤدي إلى انهيارها.
"إسرائيل" كذلك تخشى انهيار السلطة الفلسطينية، وهي الجهة الرسمية المسيطرة على الضفة الغربية، ما ينذر بتصاعد الفوضى في مختلف المناطق، وتحديدًا المدن الشمالية، الأمر الذي يؤثر سلبًا في الأمن المستوطنات الإسرائيلية.
وكشف موقع “إسرائيل هيوم” العبري عن تقديرات للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية اعتبرت أن الوضع في الضفة الغربية الآن هو الأكثر هشاشة منذ سنوات عديدة وأن انهيار السلطة الفلسطينية قد يحدث بسرعة.
وأضافت التقديرات أن هناك خشية أن يغير رجال شرطة السلطة الفلسطينية ولاءاتهم وينضموا للمقاومة.
واعتبرت إطلاق الرئيس عباس حملة في جنين مرده الخوف من تفجر الوضع وحدوث سيناريو مماثل بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وأرجع مسؤولون فلسطينيون، أن تحركات أجهزة الأمن الفلسطينية في هذا التوقيت هدفه “السعي لمنع تكرار تجربة غزة ولبنان في الضفة الغربية، ومنع التدخل الإيراني المتمثل في ضخ اموال بهدف شراء السلاح وتجنيد مسلحين لفتح مواجهة مسلحة في الضفة الغربية.
وأضاف المسؤولون، وفق ما نقله موقع “الشرق” الخليجي، أن “السبب الثاني لهذه التحركات الفلسطينية يرجع إلى الرغبة في استعادة هيبة ومكانة السلطة الفلسطينية كممثل سياسي للفلسطينيين استعداداً لتحركات ومبادرات سياسية متوافقة مع الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب”.
وأمام هذا التطور..
هل ستقود أحداث جنين لسقوط السلطة؟ وما هو الثمن؟ وهل سيتكرر سيناريو سوريا بالضفة؟
رأي اليوم
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-12-2024 02:43 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |