19-12-2024 09:40 AM
بقلم : يوسف الطورة
في سنوات التيه، يقينا أن تكون مهتماً بمأساة الفقراء لا بخطيئة الغانيات، بالعبيد وليس بالزناة، بشاربي الذل وليس بشاربي الخمر.
في ظل انشغال الفلاسفة لخصام الوجود، أيهما أول وأيهما ثان، لا يجوز لعلم الكلام أن يتحدث عن العدل، قبل ان يتكلم أولاً وأخيراً عن ظلم الوجود.
في المدن الجائعة ليس هنا أياماً لمفهوم العدل، هنالك فقط قرون لمفهوم الظلم، في المدن المُتعبة أهلها، لا فرق بين قافلة الجمال، وعاصفة الرمال، بين عطش الصحرا، وبخل الماء.
في عواصم الفقر والقهر، الغالبية تئن تحت وطأة الظلم، الملايين تحت خط الفقر، والبقية تقاسموا الوظائف والمناصب والعطاءات وما ملكت ايمانهم، ومنحوا البقية كل البقية وظيفة حب الوطن، والموت من أجل الوطن، لعبة غير عدلة.
في المدن الظالمة .. ثمة نشيد للجائعين يرتلون سورة "الفقر" اكثره وجعا في الشتاء، لا يغني من البرد ولا يشبع من الدفء، استذكر معها كيف احالتني والدتي في عامي الأول إلى الشاي كعاطل عن العمل في مقهى، لادمن لاحقا الخبز المبلول بالشاي.
في ليالي الشتاء الباردة كانت أمي تطعم أحلامي "حكمتها"، وتقول: في المدن الجائعة ليس هناك تعريفا للخبز، غير أنه يبكى بطون الصغار ويقهر الكبار، وتوصيني، "إياك أن تخلط بين الكرامة ورغيف الخبز، لن يقبل تاريخ الجياع التفريط بكرامة".
لا بأس أن اعترف على بعض أخطائي، تبدأ مشاكل الوجود حين تبدأ الأشياء تمل اسماءها، لم امقت كلمة مثقف إلا حين وجدتها تتصدر الصحف الرسمية، ولم أمل كلمة "حقيقة" إلا حين يتم تداولها على لسان السياسية.
في سنوات التيه.. لطالما رددتني حيرة قبل أن أردها، هل من المعقول بعد مجيء الف نبي ونبي، وموت الف ثائر وثائر، بعد حزن كل البؤساء، يعود العالم تيهاً.؟!
في سنوات التيه أيضا مخطئ من يظن تنجو بذات الطريق قافلة ابي سفيان مرتين، الثابت في الحقيقة سيطول وقوف التعساء أمام الله، يعدون بؤس البشرية، يريدون تبريراً لها.
في هذا التيه والضياع، الثابت القابضون على المبدأ يقفون لوحدهم في المعركة، دائماً الأشياء العظيمة تقف وحدها، ويحترمها حتى الخصوم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-12-2024 09:40 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |